مكتبة الخلاص

الوعظ حياة، وعلم وفن، بل هو سفارة أو إرسالية. والواعظ يتكلم من قبل ملك الملوك ورب الأرباب إلي أناس مساكين يحتاجون إلى نعمة الله الغنية. ولكي يتمم الواعظ هدف حياته، ويقوم بالسفارة التي كلف بها خير قيام، ينبغي عليه أن يخضع قلبه وعقله وقوته وعلمه وملكاته بالكامل على مذبح هذا العمل النبيل. وقد نبغ – على مدى العصور – وعاظ بلغوا المثل الأعلى في خدمة الوعظ، ووصلوا إلي الهدف السامي من خدمتهم، فكانت حياتهم وخدمتهم قطعة فنية ممتازة أتت بخير النتائج.

ما أعظم الدروس النافعة التي يحتويها هذا الكتاب الصغير. وهى ليست دروساً نظرية يصعب فهمها وتطبيقها لكنها دروس عملية إختبارية، وما على القارئ إلا أن يحذو حذوها وينسج على منوالها. فالخاطئ يجد فيه توضيحاً بسيطاً لطريق الخلاص من الخطية، مبرهناً عليه بعشرات الأمثلة العملية لأشخاص مختلفين منهم المتدين والسكير والملحد وغير المكترث والمرائي، جميعهم نالوا غفراناً لخطاياهم وتطهيراً لقلوبهم عن طريق الإيمان البسيط بالمخلص الوحيد شخص الرب يسوع المسيح.

لكثيرين من أولاد الله خبرة عميقة في موضوع الإرشاد، ولذلك فمن النافع تقديم بضعة إقتراحات لمعرفة الطريق الذي يريد منا أبونا السماوي أن نسلكه، والعمل الذي يريدنا الله أن نقوم به. إن أهمية الموضوع لا يمكن إغفالها، فالكثير من قوتنا وسلامنا يتوقف على معرفة المكان الذي يريدنا الله أن نكون فيه، وعلى وجودنا فيه فعلاً. أن المن لا يسقط إلا حيث يحل عمود السحاب. لكنه يقيناً يوجد على الرمال التي كانت منذ ساعات مكشوفة لقبة السماء، لكنها الآن يظللها السحاب.

إن صفحات هذا الكتاب الصغير كلها تكاد تدور حول جانب واحد من جوانب الصلاة، ألا وهو الطلب. وكل ما سجلته هنا هو مجرد شهادة شخصية لما يستطيع الطلب من أبي السماوي أن يفعله في مواجهة أزمات ومطالب الحياة اليومية. قال لي خادم مسيحي مشهور، وكان قد قرأ بعض الإختبارات في مجلة مدارس الأحد:« أنكِ عندما تطلبين كل الأشياء من الله كما تفعلين، فأنك تنزلين الله إلي مستوي الماديات التافهة».

يصف سفر الأعمال بداية عصر الكنيسة، أما رسالة يهوذا فتصف نهاية هذا العصر الذي يمكن أن نسميه بحق "عصر الارتداد". يصف سفر الأعمال الذي يشمل تاريخ الكنيسة أعمال وتعاليم رجال الله الذين ابتدأ الرب يسوع المسيح فيهم وبواسطتهم في بناء كنيسته. أما رسالة يهوذا وهى آخر رسالة في العهد الجديد فهي تسرد لنا أعمال وتعاليم الأشرار الذين سيعيشون في نهاية عصر الكنيسة المنظورة على الأرض.

كثيرون يخطئون فهم معنى كلمة "البشارة" أو "الخبر السار"، لذلك فهم يعتقدون أن كل ما يقال في الموعظة من كلمة الله هو البشارة أو التبشير سواء أكان الخادم يعظ عن وجود الله أو خلود النفس أو كان يتحدث حتى عن الواجبات الأدبية التي تتطلبها الارتباطات الاجتماعية بين الناس. منذ وقت استمعت إلى رسالة عن الصلاة من أحد الخدام، وقد كانت الخدمة قوية رفعت نفوسنا إلى الله وشوقتنا إلى الصلاة وجعلت الكثيرين يقولون بشوق "جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ هَهُنَا." (مر9: 5)

من الحقائق العلمية الهامة التى وردت في الكتاب المقدس تلك الحقيقة التى تعلن لنا أن الله له قصد خاص في حياة كل إنسان. وحين نكتشف قصد الله ونتممه نحصل على نجاح وسعادة لا يمكن أن نحصل عليهما بأية وسيلة أخرى. وهذا التعليم الكتابى له أهمية كبرى ولا سيما للمؤمنين الأحداث الذين تمتد أمامهم الحياة بطولها.

حدثنا الدكتور أوجين ستوك فقال: "عندما كنت طبيباً قرأت قصة أعلنت لى بكل وضوح الطرق المختلفة التى تؤكد لنا أن هذه المجموعة العظيمة من الأسفار الإلهية التى نسميها الكتاب المقدس هى في الحقيقة كلمة الله واعلانه للبشرية. لقد أوضح كاتب تلك القصة ثلاثة براهين، وهى البرهان التاريخى، والبرهان الداخلى، ثم البرهان الاختبارى أو العملى".

يتحدث دكتور أزوالد سميث عن هذا الكتاب بالقول إنه "سجل مركز للاختبارات الروحية العظيمة التي حوتها مذكرات القديس دافيد برينارد والتي تعتبر ملهمة وملهبة للمؤمنين في عصرنا الحاضر". فإن هذا الشاب القديس الذي عمل مرسلاً للهنود الأمريكيين عاش حياة عجيبة رائعة حقاً, تميّزت بأنه كان يقضي أياماً كاملة في الصلاة. ولا عجب, فقد كان دافيد مكرّساً تماماً لمشيئة الله لذلك استخدمه الله استخداماً عجيباً في حياته القصيرة التي لم تزد عن ثلاثين عاماً.