"وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قِائِلًا: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟" ( مت 16: 13 )
يا له من سؤال خطير يتوقف على الإجابة عليه مصير كل إنسان تحت الشمس. لأنه يُظهر حالة القلب في كل شيء. فالسؤال لا يتعلق بالمظاهر الخارجية أو الاعتراف بالإيمان، فالأولى ربما تكون بلا عيب، والثاني ربما يكون بلا نقص، ولكن إذا لم يكن وراء هذه الحالة الأدبية التي بلا عيب، وهذا الاعتراف الذي لا يخالجه تردد، قلب ينبض بحب المسيح، وشعور إلهي عميق بمَنْ هو ومن أين أتى، فلا الآداب السامية تنفع، ولا الاعتراف يفيد، وما هي إلا أثواب مزركشة يزيّن بها الخاطئ الأثيم نفسه لكي يظهر جميلاً في أعين أصحابه، أو بها يخدع نفسه أمام تلك الأبدية المُريعة التي تنتظره.
ماذا تقول أنت عن المسيح؟ هذا هو المهم في الموضوع، لأن الروح القدس قد أعلن بطريقة قاطعة "إن كان أحد" أياً كان، وفي أي مركز هو "إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُحِبُّ الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَا! مَارَانْ أَثَا (أي ملعوناً)" ( 1كورنثوس 16: 22 ). فما أرهب هذا، وما أقوى ما تُعلنه لكل مَنْ يميل بأذنه ليسمع أن محبة المسيح هي أساس كل تعليم صحيح، ومصدر كل أخلاق سامية! إذا لم يأخذ ذلك الشخص الفريد عرشه في القلب، فمذهب الآداب السامية ما هو إلا غرور فارغ، وكل صيت بلا عيب ما هو إلا رماد يُذر في عيني الإنسان، لكي يمنعه من رؤية حقيقة حاله في نور الله.
وهذا ينطبق على كل عصر وزمان، وبالأولى على هذه الأيام التي وقعت فيها قرعتنا، والتي فيها قلما يهتم الناس بشخص المسيح ومجده.
أيها الأحباء .. إن الله غيور على مجد ابنه، وكل إنسان يهمل أو يرفض أو يجدف على ذلك الشخص المبارك، يقع عليه ذلك القضاء المُريع "ليكن أناثيما". فما ألزم إذاً ذلك السؤال الذي قدمه الرب لتلاميذه: "مَنْ يقول الناس إني أنا ابن الإنسان؟".