قد يبدو عنوان هذا الكتاب – "المحبة الثورية" أو "المحبة الثائرة" – غريباً على أسماع الكثيرين، مسيحيين وغير مسيحيين على السواء. ووجه الغرابة هو الجمع غير العادي لدى كثيرين بين أمرين يسيران كل منهما – عادة – في اتجاه عكس الآخر. فالثورية تُفهم لدى غالبية الناس باعتبارها أمراً سلبياً، يشتمل على عنف هدام، مخرب، متعصب، يقلب كل ما هو صالح في الحياة رأساً على عقب، ويتركها محطمة، فارغة، بائسة.
إن النهضة غير العادية التي حدثت في كلية «أسبرى» في أوائل عام 1970 والتي امتدت إلى أماكن أخرى كثيرة في أمريكا، هي خير دليل على أن الله لا يزال يعمل في هذا العالم رافعاً أولاده من الأنانية والدينونة والضيق. ولقد حدثت عندما كان الطلبة – في تلك الكلية اللاهوتية – يحاولون عبثاً إيجاد نوع من التوازن وسط أعمال التخريب والعنف المنتشرة في أمتنا، وكما قال الكتاب : «حيثما كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً»، فقد ظهرت تلك النعمة في أماكن عديدة، ومنها ما كان على حافة الهلاك.
هذه مجموعة من المواعظ، بين قصتين. الأولى تقدم التمهيد، والثانية الخاتمة. والمواعظ والقصتان، تدور كلها حول صليب المسيح، والدم وكفايته، فى العهد القديم والعهد الجديد. وصليب ربنا يسوع المسيح هو الأساس الأقوى لخلاص النفوس ... في الزمن، وفي الأبدية. هناك أسطورة تروى عن الحمامة كيف أنها قدمت شكواها للطيور بأن الصقر يهاجمها، ويود أن يمتص دمها. ونصحها البعض بأن تطير في الأجواء المنخفضة.
التغيير الفجائي، الذي يحدث في حياة الشخص الذي يؤمن بالمسيح ويقبله مخلصاً شخصياً له، هو في الواقع بدء إختبار جديد مجيد. فمن يقبل للمسيح، ويفتح له قلبه، ويسلمه حياته، يشعر، بل يتحقق، أنه أصبح إنساناً آخر له ميول جديدة وأشواق مقدسة وأهداف سامية. لكن بعد قليل ربما تعتريه بعض الإرتباكات والحيرة وتختلط عليه الأمور، فيحتاج إلى إيضاحات كتابية وتوجيهات سماوية تنير له الطريق حتى لا يتعثر في السير.
نقدم لك في هذا الكتاب، أيها القارئ الكريم، شهادات شتي من أناس من شتي جهات الأرض، ومن مختلف المهن والأعمال، ومن رجال وشباب ونساء، ومن أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، ومن آسيا وأوروبا وأفريقيا. من علماء، وفلاسفة، ورياضيين، وأطباء، ومهندسين، وأساتذة، وعمال. كلهم يشهدون بما حدث في حياتهم من تغيير، وسر هذا التغيير. شهادات مختلفة تشهد لنعمة الخلاص من الخطية.
إختار الرب إثنى عشر رجلاً ليس لهم ذكر في المجتمع لكي يكونوا رسلاً! وجل قصده وراء ذلك أن يكونوا شهود عيان لحياته وموته وقيامته. أما عن الإختيار في ذاته، فلم يكن بداءة مبنياً على أساس فضائل كانوا يتميزون بها، ولكن كان بفضل ما سيكونون عليه في المستقبل، بعد أن تلبسهم قوة الرب المحيية. هكذا الأمر بالنسبة لنا أيضاً، فلا يجب أن ننظر إلى أنفسنا فيما نحن عليه وقت أن قبلنا الدعوة، لكن لنمعن النظر فيما يمكن أن تعمله معنا النعمة عندما ندخل في شركة مع إلهنا. وعن بطرس وأندراوس حينما دعاهما الرب
هذا الكتاب يمس الحياة العملية لكل مؤمن، وهو بحق من الكتب التي تقرأ أكثر من مرة ومن وقت لآخر. ونحن كثيراً ما نتحدث عن نوعين من الناس، مؤمنين وغير مؤمنين، لكن الواقع أنه يوجد نوعان من المؤمنين يختلفان عن بعضهما كثيراً، فهناك المؤمن الروحي والمؤمن الجسدي، أي من يسلك حسب الروح ومن يسلك حسب الجسد. وللأسف الشديد فإن مجتماعتنا المسيحية باختلاف أنواعها تذخر بالنوع الثاني، وهذا هو سبب ضعف الكنيسة الحالية بصفة عامة.
هذه مجموعة من الرسائل التي ألقيت في مجمع كزك الدولي الذي ينعقد كل سنة في شهر يوليو منذ أكثر من 110 سنة تقريباً، ويؤمه المؤمنون من كل بلاد العالم، ويقدر عدد الحاضرين في كل إجتماع بأكثر من خمسة آلاف نسمة. وما أعمق الرسائل التي تلقى فيه من رجال الله الأتقياء الدارسين للكتاب المقدس!
منذ أقدم العصور وشعب الله يفكر – ولا يزال في وقت الصباح كالوقت الأكثر ملائمة للتعبد لله. ولا يزال أولاد الله يعتبرونه واجباً كما أنه إمتياز أيضاً أن يخصصوا جزءاً في بداية كل يوم سعياً وراء وقت هادئ وشركة مع إلهمم. وقد سماه البعض "الرقابة الصباحية" ، والبعض الآخر أطلق عليه اسم "الساعة الهادئة" أو "الوقت الهادئ". وسواء بلغ هذا الوقت ستين دقيقة كاملة أو كان جزءاً من الساعة فقط،