كان الملك العجوز يحتضر، إذ كان "آشربانيبال" السيد الأعلى لأشور يرتحل حتماً ولئن كان ببطء وبألم نحو أرض اللاعودة، وكان القصر في نينوي صامتاً علي خلاف المعتاد انتظاراً لساعة الاعلان الحتمي بأنه قد انضم إلي آبائه، وكان النشاط الوحيد في تلك الحجرة التي رقد فيها مخدراً بالأدوية، هو نشاط أطباء القصر والسحرة وهم يقومون بفنونهم السحرية، تلك الخيوط المظلمة من العلم والسحر
وقد قاموا بكل جدية وإتقان بالتعاويذ المختلفة التي كانت بمثابة الرمية الأخيرة الفاشلة ذلك لأن الملك كان بعيداً عن محاولتهم، وكما اعتقدوا فإن ملائكة الموت كانت قد استولت علي حياته. وكان هذا الملك قد ملأ مكتبة نينوى العظيمة بكل الأبحاث الطبية التي عرفها الإنسان آنذاك، إلا أن الآلاف من هذه المجلدات لم تنقذه من الموت، وهكذا يموت الملوك في وحدة وبلا عزاء.
المؤلـف : دَافيدَادىِ
المعرب : د. جرجس ميلاد