هنالك الكثير من النواحي الحسية والعاطفية فيما نسميه التديّن، والقليل، بل القليل جداً، فيما يجب أن تكون عليه الحياة المسيحية العملية. ذلك لأن الشجرة ليست جيدة، والمساكن الداخلية ليست نقية، وقانون المسيح في القول والفعل ليس سائداً تماماً على الكيان. فالناس يريدون أن ينالوا غفرانا مجانياً اشتراه الرب بدمه، ولكنهم قلما يدركون أنه هو الملك الذي يحكم على الحياة الفردية وأوامره ينبغي أن تطاع بحذافيرها.
فلا يسوغ أن ندع حقائق المسيحية العملية وما يصاحبها من تعاليم تغيب من أفقنا، بل يجب أن نعطي لمطالب المسيح أهمية متساوية، للبر الذي يجب أن يزيد عن الكتبة والفريسيين، والنزعة إلى الكمال السماوي، فلا نقنع بقولنا: "يا رب، يا رب!"، بل ينبغي أن نعمل إرادته. لقد تربيت في بواكير أيامي في مدرسة كانت تركز على تعاليم النعمة، لدرجة أننا إذا سمعنا عظة تتناول الواجبات المسيحية في السلوك كنا نتحدث عنها في عودتنا إلى بيوتنا ونصفها وصفاً يقرب من الانتقاد المرير، بل ننظر إليها نظرة مارتن لوثر لرسالة يعقوب ونقول إن رائحة تلك العظة هى رائحة مقالة أدبية لا تكاد تشتم رائحة إنجيل النعمة فيها. بل كان يبدو كأن الجمع المستمع يخيل إليه أن المسيح معلم شريعته التمسك بأهداب الأخلاق. لكننا وصلنا الآن إلى معرفة أوسع، وتعلمنا أن أولئك الذين يصعدون إلى جبل الرب ويسكنون هناك في جبل قدسه يجب أن يكونوا طاهري اليدين، أنقياء القلب، لم يحملوا أنفسهم إلى الباطل، ولا حلفوا كذباً
المؤلف: ف. ب. ماير
المعرب: واصف عبد الملك