"أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات" (أف2: 6)
سألني صديقي المتشكك:
مما لا شك فيه إن قيامة المسيح من الأموات هي ركيزة أساسية من أساسيات الإيمان المسيحي. فبدون قيامة المسيح لن يكون هناك إيمان بأن المسيح هو ابن الله. وبدونها أيضًا سيكون قبر المسيح هو مزار سياحي لنبي من الأنبياء الذين أتوا لهداية الناس في عبادتهم لله.
لكن هل القيامة معلنة في العهد القديم؟ لقد أتت نبوات كثيرة عن موت المسيح والآلام التي عاناها في أسفار العهد القديم. لكن لم تأت نبوات عن قيامته من الأموات وهذا ما يشككني في قيامته. فهل أعلن أنبياء العهد القديم عن قيامة المسيح من الأموات؟
الرد:
نعم كنت محقًا يا صديقي في أن العهد القديم يمتلئ بالنبوات التي تخبرنا عن موت المسيح وآلامه التي عاناها على الصليب ويحتشد سفر إشعياء بنبوت الصليب بالأخص في أصحاح الصليب (إشعياء53).
لكن لابد أن نفهم أن أنبياء العهد القديم، وكتب العهد القديم ذكرت أيضًا نبوات عن قيامة المسيح من الأموات. بل هناك أيضًا كثير من الآيات والرموز التي تشير إلى القيامة بكل وضوح، لهذا دعنا نبحر في نبوات العهد القديم التي تعلن عن أعظم حدث في تاريخ البشرية أن يسوع المسح قام من بين الأموات.
وأن القيامة هي من الترتيبات الإلهية وفي مشيئة الله منذ الأزل، وسنسرد هذه الإشارات بحسب ترتيبها في الكتاب المقدس.
أولاً: استقرار الفلك على جبل أراراط:
كان فلك نوح رمزًا واضحًا لخلاص يسوع المسيح المقدم على خشبة الصليب لكل العالم لكي يهرب من الغضب الآتي والدينونة الأبدية. فبنى فلكًا لخلاص بيته (عب11: 7)، "الذي فيه خلص قليلون" (1بط3: 20)، لكن أجمل ما في الأمر أن الفلك استقر على قمة جبل أراراط يوم 17 من الشهر السابع وهذا الشهر صار هو أول الشهور بعد أن قدموا الفصح (خر12: 2). وكان الفصح يذبح يوم 14 من هذا الشهر. لهذا استقر الفلك في اليوم 17 إعلان القيامة واستقرار خلاصنا ونجاتنا من الموت الأبدي بقيامة يسوع المسيح من الأموات في اليوم الثالث.
ثانيًا: قيام إسحق من على المذبح حيًا:
لقد كان إسحق محكومًا عليه بالموت مربوطًا على المذبح فوق الحطب وسكين إبراهيم أبيه مرفوعة عليه. لكنه قام حيًا لإعلان القيامة وهكذا شهد كاتب العبرانيين: "إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات أيضًا" (عب11: 19).
ثالثًا: عصفور التطهير:
وضع الله في ناموس موسى شريعة لتطهير الأبرص "فيؤخذ للتطهير عصفوران حيان طاهران.. ويأمر الكاهن أن يذبح العصفور الواحد في إناء خزف على ماء حي، أما العصفور الحي فيأخذه مع خشب الأرز والقرمز والزوفا ويغمسهما مع العصفور الحي في دم العصفور المذبوح.. وينضح على المتطهر من البرص سبع مرات فيطهره ثم يطلق العصفور الحي على وجه الصحراء" (لا14: 4-7).
فعصفور يموت رمز لموت المسيح ودمه المسفوك لتطهيرنا. وعصفور يطلق حيًا رمز لقيامة المسيح من الأموات لتبريرنا وإعلان عن الحرية التي لنا في يسوع المسيح المقام من الأموات.
رابعًا: عصا هارون التي أفرخت: (عدد17: 1-11)
فالعصا الخشبية الميتة صارت حية وأزهرت زهرًا وأنضجت لوزًا (عدد17: 8) وهذه العصا تعلن عن الحياة في المقام يسوع المسيح لأنها تعلن عن رئيس الكهنة الأعظم. فكما أعلنت عصا هارون عن كهنوت هارون. والقيامة أيضًا تعلن عن رئيس الكهنة الذي يشفع فينا يسوع المسيح الذي قام من الأموات.
خامسًا: نبوات عن القيامة من سفر إشعياء النبي:
كما تنبأ إشعياء قديمًا عن موت المسيح الكفاري، فقد أعلن أيضًا عن قيامته أيضًا من بين الأموات.
وبقراءة (أصحاح 52 من سفر إشعياء ) يحكي لنا عن بركات القيامة كما يشهد عن بعض أحداثها.
• "استيقظي استيقظي البسي عزك يا صهيون. البسي ثياب جمالك يا أورشليم.. انتفضي من التراب قومي اجلسي يا أورشليم انحلي من ربط عنقك أيتها المسبية ابنة صهيون" (إش52: 1-2).
لم تستيقظ أو تلبس عزها أو تلبس ثياب جمالها إلا عندما قام المسيح من الأموات، أسس كنيسته التي لبست كل البركات في جمالها وانتفضت من التراب لتقوم من غفلتها. ولم تتحقق هذه النبوة إلا بالقيامة وتأسيس الكنيسة.
• "مجانًا بعتم وبلا فضة تفكون" (إش52: 3)، لقد باعوا المسيح دون أن يربحوا شيئًا وحتى الفضة التي أخذها يهوذا أعادها إلى رؤساء الكهنة. لكن بعد القيامة صار لنا الفكاك من براثن الخطية بلا فضة أيضًا. فصار خلاص الله مقامًا لنا مجانًا بعد القيامة.
• "متبررين مجانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رو3: 24).
• "لذلك يعرف شعبي اسمي" (إش52: 6)، وقد عرف الناس والتلاميذ اسمه بعد القيامة "متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون إني أنا هو" (يو8: 28).
• "ما أجمل على الجبال قدمي المبشر المخبر بالسلام المبشر بالخير المخبر بالخلاص القائل لصهيون قد ملك إلهك" (إش52: 7).
لقد ذهبت المريمتان باكرًا جدًا في فجر الأحد وبشرهما الملاك بالقيامة، وعند عودتهما لاقاهما المسيح "إذا يسوع لاقاهما وقال سلام لكما فتقدمتا وأمسكتا بقدميه وسجدتا له" (مت28: 9)، فقدما المبشر والمخبر بالسلام هي ذات القدمين التي أمسكتا بها المريمات على الجبل بفرح القيامة. ما أجملها!.
• "إن جعل نفسه ذبيحة إثم يرى نسلاً تطول أيامه ومسرة الرب بيده تنجح من تعب نفسه يرى ويشبع وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين وآثامهم هو يحملها" (إش53: 10-11).
كيف يكون ذبيحة إثم ثم يرى نسلاً تطول أيامه إلا بالقيامة وعندما قام المسيح "أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات" (أف2: 6)، وهو البار الذي بمعرفته يبرر كثيرين وآثامهم هو يحملها.
سادسًا: نبوات القيامة في كتب الأنبياء الآخرين:
• لأنك لم تترك نفسي في الهاوية لن تدع تقيك يرى فسادًا" (مز16: 10)، وهذا ما استشهد به الرسول بطرس في عظته النارية يوم الخمسين ليقول عن هذه الآية: "سبق فرأى وتكلم عن قيامة المسيح إنه لم تُترك نفسه في الهاوية ولا رأى جسده فسادًا" (أع2: 31).
• "يحيينا بعد يومين في اليوم الثالث يقيمنا" (هوشع6: 2)، فهو قام وأقامنا معه في اليوم الثالث.
• "كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن الإنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه فأعطي سلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول وملكوته ما لا ينقرض" (دا7: 13-14).
وهذه نبوة عن مشهد سماوي تم بقيامة يسوع المسيح ابن الإنسان من الموت وصعوده إلى السماء وجلس في يمين العظمة في الأعالي. هذا ما يصفه كاتب العبرانيين: "بعدما صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا جلس في يمين العظمة في الأعالي صائرًا أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسمًا أفضل منهم" (عب1: 3-4).
ويصف الرسول بولس: "لذلك رفعه الله أيضًا وأعطاه اسمًا فوق كل اسم لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة" (في2: 9-10).
ومن هنا نفهم أن الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد يحكي عن يسوع المسيح الحي المقام من الأموات وهو حي إلى أبد الآبدين. فإن كانت النبوة عن القيامة قبل حدوثها بأكثر من ألف سنة فهي حقيقة مؤكدة تبرهن لنا أن يسوع المسيح مات من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا. فهل تؤمن به وتقبله في قلبك ليخلصك من خطاياك وذنوبك ويقيمك معه في حياة أبدية معه؟.
د. إيهاب ألبرت
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.