هل ورث المسيح خطية آدم من بطن العذراء؟
إذا كان المسيح هو الفادي، فهل هو فى حاجة إلى فداء حتي تقدم مريم ذبيحة فرخي حمام؟ ثم ما الاحتياج لأن يولد من الأساس؟
سألني صديقي المتشكك:
تحتفلون هذه الأيام بعيد ميلاد يسوع المسيح. فاسمح لي أن أقدم التهنئة لك. (على مضض)، لكن فى الحقيقة هناك سؤال يحيرني كثيرًا في قصة الميلاد: كيف يمكن أن يكون المسيح قدوس الله وهو مولود المرأة؟ أي إنه إنسان مولود بالخطية كما شهد داود: "هئنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بي أمي" (مز51: 5)؟، فالخطية المورثة من آدم تقع على مولود المرأة يسوع. وهنا يسوع يكون محتاجًا لكي ما يقدم ذبيحة لفدائه. وهل قدمت العذراء زوج يمام أو فرخي حمام كذبيحة خطية عن يسوع؟ ثم ما الاحتياج لهذا الميلاد من الأساس؟ كان يمكن أن يأتي في صورة ملاك أو يظهر فجأة وسط الناس؟ كل هذه الأسئلة تتزاحم في عقلي، فتعكر صفو احتفالي بهذه الأيام، فأجبني عليها قبل أن تقبل تهنئتي بالعيد والعام الجديد.
الرد:
لقد طرحت يا صديقي أسئلة مهمة حول قصة الميلاد، لكني أؤمن أن يسوع المسيح مولود المذود يمكنه أن يملأ قلبك بالإيمان من جديد، لتكون محتفلاً معنا في سلام بسر تجسد المسيح، لأن هذا الميلاد يلخصه كلمات الروح القدس بفم الرسول بولس: "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (1تي3: 16).
أولاً: هل ولد يسوع المسيح وارثًا لخطية آدم؟
لقد أتى الملاك ليبشر القديسة العذراء مريم قائلاً: "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك لذلك القدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لو1: 35)، هذه الكلمات التي يقرها الوحي المقدس في العهد الجديد، كما أيضًا يأتي ذكرها في القرآن الكريم، إذ يقول في صورة أل عمران: "إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهًا في الدنيا والآخرة ومن المقربين" (أل عمران45)، لذلك هو كما قال الملاك: "القدوس" أي إنه أتى إلى عالمنا دون أن يرث الخطية من آدم.
لقد شهد داود: "هئنذا بالإثم صورت وبالخطية حبلت بي أمي" (مز51: 5) لأن داود إنسان عادٍ ولد من زرع البشر لكن يسوع المسيح مولودًا من القديسة مريم بزرع الروح القدس وقوة الله الخالقة لإناء يحمل اللاهوت ويعيش فيما بيننا لهذا هو القدوس المولود ابن الله.
"والكلمة صار جسدًا وحل بيننا ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحقًا" (يو1: 14).
لم يرث المسيح خطية آدم، لكنه حمل خطايانا على الصليب "حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة" (1بط2: 24)، لقد ولد قدوسًا بلا خطية، كما شهد عنه كثيرون إنه بلا خطية.
1- يوحنا: "وتعلمون أن ذاك أظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية" (1يو5: 3).
2- بطرس: "الذي لم يفعل خطية ولا وجد في فمه مكر" (1بط2: 22).
3- كاتب العبرانيين: "مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية" (عب4: 15).
4- بيلاطس: "إني برئ من دم هذا البار" (مت27: 24).
5- اللص التائب: "أما هذا فلم يفعل شيئًا ليس في محله" (لو23: 41).
6- شهد يسوع نفسه: "من منكم يبكتني على خطية؟" (يو8: 46).
هذه الكلمات إنى أضعها وسامًا على صدري لأني أتبع شخص الرب يسوع المسيح الذي عمل كل شيء حسنًا بلا خطية. ولم يسجل له أي شخص علة واحدة، فهو قدوس الله المتجسد في أرضنا.. الخالي من الخطية.
لم يحمل المسيح خطية آدم الموروثة لأن الملاك أخبر يوسف النجار هذه الكلمات:"لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس" (مت1: 20). لاحظ معي قول الملاك (حبل به فيها) ولم يقل (حبل به منها) لأن هذا الحبل ليس من رجل، بل من الروح لأن هذا القول ليس عن مخلوق طفل جديد، بل هو الكائن منذ الأزل بلاهوته. لم تكن بدايته في الحبل. لكنه الأزلي وقد تأنس ذاك الذي كان سابقًا موجودًا أزليًا وفوق كل الأزمنة.
لهذا ولد القدوس بلا خطية، لأنه الله الظاهر فى الجسد في صورة إنسان لكي يعيش علي أرضنا ويعلم في شوارعنا ثم يموت بدلاً عنا كذبيحة كفارية. وفي اليوم الثالث يقوم.
ملاحقة مهمة: رب قائل: لقد تدنس هذا الجسد من بطن مريم العذراء لأنها بشر فهي تحمل خطية آدم. وأمام هذه الملاحظة نقول إن الروح لا يمكن أن تتنجس من الأجساد. فالروح القدس أوجد الإنسان يسوع المسيح في بطن العذراء مريم. لكي يكون إنسانًا كاملاً بل خطية وإلهًا كاملاً بكل سلطان اللاهوت "لأن فيه يحل كل ملء اللاهوت جسديًا" (كو2: 9).
فهل الملاك يتنجس بنزوله لأرضنا وتقديم البشارة؟ وهل الشمس تتسخ بعبورها على الأماكن القذرة؟ وهل النار تتسخ من الشوائب؟ لهذا كان يسوع المسيح بلا خطية دون أن يحمل الخطية الموروثة من آدم.. لأنه قدوس.
ثانيًا: إذن لماذا قدمت القديسة مريم فرخي حمام في الهيكل؟
دعونا نقرأ النص "ولكي يقدموا ذبيحة كما قيل في ناموس الرب زوج يمام أو فرخي حمام" (لو2: 24).
هل كانت هذه الذبيحة فداء ليسوع المسيح. لا بالطبع لأنه هو الفادي الذي أتى إلى عالمنا ولا يحتاج إلى فداء. وهو القدوس الذي لا يقدم ذبيحة عن نفسه بل هو من قدم نفسه ذبيحة عن كل البشر.
لكن ما هي قصة فرخي الحمام؟ لقد علّم الرب الشعب في ناموسه أن المرأة بعد ولادتها لطفلها لابد أن تقدم ذبيحة "متى كملت أيام تطهيرها لأجل ابن أو ابنة تأتي بخروف حولى محرقة وفرخ حمامة أو يمامة ذبيحة خطية. فيقدمها أمام الرب ويكفر عنها فتطهر من ينبوع دمها" (لا12: 6-7). فالحمام المقدم ذبيحة خطية لتطهير القديسة مريم بعد تطهيرها من الولادة. أى بعد مرور أربعين يومًا. لم تكن كفارة عن المسيح أو لفدائه لكنها تتميمًا للناموس فى تطهير المرأة بعد الولادة.
لكن الرب يسوع المسيح لم يكن بحاجة إلى ذبيحة فداء لأنه هو ذبيحة الفصح عن كل البشرية.
ثالثًا: السؤال هنا: ألم يكن المسيح قدوسًا لأنه فاتح رحم القديسة مريم؟ فكل فاتح رحم يدعى قدوسًا.
"كما هو مكتوب في ناموس الرب إن كل ذكر فاتح رحم يدعى قدوسًا للرب" (لو2: 23).
لأن الرب أوصى موسى: "قدس لي كل بكر كل فاتح رحم من بني إسرائيل" (خر13: 2). "كل بكر من بنيك تفديه" (خر34: 29).
حقًا إن كل بكر قدوس للرب وهنا إنه لا يعني بلا خطية لأن كثيرين من أبكار شعب الرب كانوا أشرارًا. فأولاد عالي الكاهن وبكره حفني كان شريرًا ورفض الرب.
ألياب بكر يسى ورفض أن يمسحه ملكًا. لكن قدوسًا للرب تعني أنه مخصص للرب لأن الرب أهلك الأبكار في أرض مصر وفدى أبكار شعبه بالذبيحة الكفارية التي علم الرب الشعب أن يعملها. لهذا كل بكر هو مخصص للرب ولابد أن يقدم عنه ذبيحة للفداء. فهذه قداسة تخصيص وتكريس.
لكن يسوع كان قدوسًا، فهو القدوس لأنه بلا خطية واسمه ابن الله كما قال الملاك. فهو القدوس مركزًا. وحالة. ووضعه كالله القدوس المتجسد في أرضنا.
ويبقى السؤال الأخير: لماذا هذا الميلاد؟
كان لابد أن يأتي الله إلى أرضنا ليصنع الخلاص والفداء للبشرية الساقطة. هل يمكن أن يقوم بهذا العمل ملاك أو كائن روحاني آخر؟. بالطبع لا. لأنه لا ينوب عن الإنسان إلا إنسان مثله. ولكن كيف ينوب إنسان عن كل الإنسانية إلا إذا كان إنسانًا غير محدود حتى يحمل خطيه كل العالم؟ لهذا يشرح الروح القدس بفم بولس الرسول: "لكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة مولودًا تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني" (غلا4: 4-5)،
لهذا ولد يسوع لكي يخلص شعبه من خطاياهم. ولد عمانوئيل ليكون الله معنا. ولد المسيح لكي ننال بولادته وموته وقيامته مركز البنوية لله أيضًا ليكون بارًا ويبرر من هو من الإيمان بيسوع. هل تسمح لنور الإيمان أن يملأ قلبك وتسمح لله المتجسد أن يولد فى قلبك، فتنال باسمه غفران لخطاياك؟ فيكون هذا هو العيد الحقيقي لك وكل عام وأنتم بخير.
د. إيهاب ألبرت