وهل يخلق الله مجتمعًا ذكوريًا يهين المرأة؟
لماذا كانت سارة تدعو زوجها (سيدي)؟ ولماذا تظل المرأة نجسة 80 يومًا عندما تنجب بنتًا؟
سألنى صديقى المتشكك:
هل يمكن أن نقبل فى القرن الواحد والعشرين أن نقرأ مثل هذه النصوص فى الكتاب المقدس؟ لقد امتلأ العهد القديم بنصوص تؤكد علو الرجل وتميزه عن المرأة، بل وتضع المرأة فى مرتبة أقل من رجلها وتجعلها خاضعة وخادمة له وسأضع أمامك بعض هذه القراءات من الكتاب المقدس:
• خلق الله المرأة كمعين للرجل، فهو الأصل وهى السند فقط.
• كانت ساره تدعى زوجها "سيدي" (تك18: 12)، مما يؤكد ذلها وعبوديتها له.
• لماذا تنتمي بنات شعب الله لبيت الآب (تك22: 13)؟
• جاء فى شريعة الله التى أعطاها الرب لموسى، أن المرأة إذا ولدت ابنًا تكون نجسه أربعين يومًا، أما إذا ولدت بنتًا تكون نجسة 80 يوم أى ضعف الوقت. فهل ولادة البنت تنجس الضعف (لا12: 2-5)؟
• يذكر الله فى شريعته: "لا تشته بيت قريبك لا تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره (خر20: 17) وفى هذا تم وضع الزوجة كسلعة وكأمر يمتلكه مثل ثوره وحماره، فهل هذا يليق؟
لهذا أرى أن الله يخلق مجتمعًا ذكوريًا يميز فيه الذكر عن الأنثى والرجل عن المرأة. ويضعها فى مكانه أقل من رجلها. فكيف يكون هذا؟
الرد:
كم أحبك يا صديقي المتشكك لأنك في الحق تتحدث من كلمة الله، وتأتى بآيات وبراهين لتثبت فكرتك المغلوطة عن الله. مع أنك لو قرأت الكتاب المقدس؛ ككتاب الله فى خضوع وخشوع وحب، فستمتلئ بهذه الكلمة الحية، بل وسيزيد إيمانك بالله الحي الحقيقي وبيسوع المسيح الابن النازل من السماء.
ولكنى سأرد على هذه الفكرة المغلوطة بـ أفكار رئيسية.
أولاً: خلق الله آدم أولاً ثم خلق حواء معه. لكن يؤكد الوحى المقدس مساوتهما معًا بالقول: "فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرًا وأنثى خلقهما.. وباركهم الله" (تك1: 27-28). فالله خلق الاثنين معًا بنفس الصورة ونفس العمل وكان لهما ذات الأوامر لعملهما "أثمروا وأكثروا وأملاوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء" (ع28)، وهذا يعنى دعوة الاثنين للقيام بعمل إلهى فى التسلط على كل المخلوقات والأثمار بذات الدرجة. فالمرأة ليست فى درجة أقل ولا ينقصها العقل، لكنها تحمل ذات الإمكانيات ومكلفة بذات الأعمال مثل الرجل. هذا ما كان من البدء؟
ثانيًا: وحدة الجسد: صنع الرب الإله حواء "ليس جيدًا أن يكون آدم وحده فاصنع له معينًا نظيره" (تك2: 18) وهذا لا يحمل فكرة أن المرأة هي فقط معين للرجل وأن الرجل هو الأساس وهي المعين. بل على العكس، إن كلمة معين تعني القوة والسند فى الحياة وهذا ما يعظم دور المرأة فى المجتمع كسر للقوة والسندة النفسية والروحية. كما أن كلمة معين تأتي فى وصف الله "أنت صرت معين اليتيم" (مز10: 14). "يا رب كن معينًا لي" (مز30: 10). لقد طلب داود أن يكون الرب معينًا له، فهل هذا يقلل من شأن الله حاشا!! بل على العكس هذا يؤكد أهمية دور المرأة وقوة تأثيرها. كما أن على الرجل أن يترك أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدًا واحدًا. ليس بعد اثنين بل واحدًا.
ثالثًا: قول سارة "سيدي"
حقًا قالت سارة عن زوجها سيدي. لكن السؤال هنا؟ هل هذا يقلل من شأن سارة. بل بالعكس يزيدنا احترامًا لها لأنها كانت تكرم زوجها فى عيون أهل البيت من العبيد والإماء الذين يعيشون معهم، فهى باختيارها وإرادتها أعلنت حبها لزوجها بهذا اللقب "سيدي"، كما أنى لا أشك بأن إبراهيم كان يحترم سارة ويدعوها بهذا اللقب "سيدتى" عندما يتحدث إليها وسط جارياتها. وهذا يعكس حب واحترام لهذا وذاك.
كما أوصى الله فى شريعة موسى: "أكرم أباك وأمك لكى تطول أيامك على الأرض" (خر20: 12). "يهابون كل إنسان أمه وأباه" (لا19: 30).
وهنا مؤكد استحقاق الاثنين للإكرام والمهابة.
رابعًا: استهان الآباء:
كان الآباء لهم المسئولية الشرعية فى البيوت كعادة الشرق الأردنى فى ذلك الوقت وهذا مستمد من أن السيطرة والسطوة فى المجتمعات تعتمد على القوة البدنية والنصرة فى الحروب. كما أيضًا تعتمد على الغنى والمال الناتج عن العمل فى الرعى والزراعة وهذه الأمور تحتاج إلى الأجساد القوية للعمل. وكانت المرأة تشارك الرجل فى كل هذه الأعمال وحتى فى الحروب أيضًا كانت لها أدوار عظيمة. ألم يستخدم الرب ياعيل امرأة حابر القيني لقتل القائد سيسرا؟ وألم تخرج دبورة مع باراق فى الحرب وكان النصر حليفهما على الكنعانيين؟
ولهذا يعوزنا الوقت؛ لكى نخبر عن الأعمال العظيمة التى يذكرها الوحى المقدس عن سيدات فضليات غيرن التاريخ فى حياة الشعوب، فلا ننس راعوث، وراحاب، وأيضًا أبيجايل، ومريم، وبنات يثرون، كما أيضًا لا ننس بنات صلحفاد، اللاتى حكم لهن الرب بالميراث فى الأرض بعد موت أبيهن (عدد27).
خامسًا: لم تحسب المرأة نجسة فى شريعة موسى، بل أعطى الله كرامة للمرأة والأم والزوجة:
حقًا كانت هناك قوانين لطهارة المرأة، ولكن لا ننس أنه كانت هناك قوانين أخرى لطهارة الرجل، فالاثنان فى حاجة للطهارة الجسدية والقلبية أيضًا. فعند الاجتماع معًا عليهما أن يرحضا جسدهما بالماء ويكونان نجسين إلى المساء (لا15: 16-18).
والنجاسة هنا لا تعني أنهما أخطأا أو تلوثا، لكنها طهارة جسدية مثل الاستحمام العادى فى أيامنا. وكما منعهما من الاقتراب إلى المذبح والمقدسات حتى تعبر فترة تقديسهما.
هذا كله يتعلق بطهارة جسدية شكلية ولا تعني نجاسة قلبية، لأن لهذا يوصي كاتب العبرانيين: "ليكن الزواج مكرمًا عند كل واحد والمضجع غير نجس" (عب13: 4).
أما عن نجاسة ما بعد الولادة، فهى صحيحة طبيًا بسبب الحفاظ على المرأة حتى لا تحدث لها مضاعفات ما بعد الولادة من حمى النفاث وخلافه. لكن حددت الشريعة أنها تكون نجسة 80 يومًا بعد ولادة أنثى ليس لأنها تقلل من ولادة الأنثى. لكن لأن الكنعانيين المحيطين بهم كانت لهم عبارات وثنية يمارسونها فى وجود كهنة وكاهنات فى داخل الهياكل ويكرسون الذكور والإناث كآلهة تنضم إلى عبادتهم النجسة، ولهم ممارسات لتكريس الأنثى بعد 40 يومًا كخادمة فى الهيكل لتكون بعد ذلك مكرسة فى هيكل الوثن للزنى. وحاربت الشريعة هذه الممارسات، فتركت الأم مع ابنتها فى البيت حتى تعبر فترة أكثر من 40 يومًا، فلا تؤخذ الابنة كخادمة زنى فى هيكل الوثن.
فعملية تنقية شعب الله من الثقافات المحيطة بهم احتاجت إلى مجهودات وتشريعات كثيرة. وكم نحتاج اليوم كشعب الرب يسوع والمختارين لعبادة الله الحى أن نحمى أنفسنا من الثقافات الكثيرة المحيطة بنا والتى تحاول أن تؤثر فينا.
سادسًا: كل الكتاب المقدس يدعو للمساواة والاتحاد بين الزوج والزوجة وكونهما صارا جسدًا واحدًا، فمنع الزوج أن يطلب أو يشتهى زوجة قريبه ليعيش شعب الرب فى القداسة. لهذا أوصاهم ويوصينا أيضًا اليوم: "تكونون قديسين لأنى أنا قدوس" (لا11: 44).
د. إيهاب البرت
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.