للتنمية الروحية

لـــمـــــاذا لـــــــــــــم ؟

لماذا لم يفنِ الله الشيطان عندما أخطأ؟

كتب أحدهم تعليقًا على الفيسبوك يقول فيه: "لقد أفنى الله الناس والبهائم وكل الوجود في أيام نوح بالطوفان، لأن شر الإنسان قد كثر وكل أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم. لقد تكبر الشيطان وسقط في الخطية، فلماذا لم يفنه الله مثلما أفنى المسكونة يوم الطوفان؟! مع أنه لو كان أفنى الشيطان، كان قد أراح المسكونة كلها إلى يومنا هذا من حيله وخداعه.

+ هل كان الشيطان أقوى من الله حتى بقى إلى يومنا هذا؟ أم أن الله عجز عن البطش به؟ هل من حل لهذا اللغز؟

الرد:

وللرد على هذا الكلام نقول إنها مغالطة فكرية ممن يكتب هذه الكلمات. لأن عن قصد أو عن دون قصد تغافل عن عقاب الله للشيطان وملائكته. وعن الحرب التي دارت في السماويات بين الله وبين الشيطان.
ولكن الله لم يشفق على الشيطان حين سقط. لكن دعونا نقرأ كلمات الرسول بطرس في هذا الصدد: "لأن إن كان الله لم يشفق على ملائكة قد أخطأوا بل في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم وسلمهم محروسين للقضاء. ولم يشفق على العالم القديم بل إنما حفظ نوحًا ثامنًا كارزًا للبر، إذ جلب طوفانًا في عالم الفجار؟" (2بط2: 4، 5) لهذا دعونا نسرد ما حدث مع الشيطان وكل جيشه وجنوده التابعين له.

أولاً: أصل الشيطان:

هل خلق الله الشيطان ؟ نعم وأيضًا لا!
نعم لقد خلقه الله كملاك. وكان يوم خلق أسمى خلائق الله، نقرأ عنه في سفر حزقيال "أنت خاتم الكمال.. أنت الكروب المنبسط المظلل.. أنت كامل في طرقك يوم خلقت" (حزقيال28: 12- 15).
لقد خلق الله زهرة بنت الصبح. حتى يوم خلقه لم يعطه الله وصية بل أعطاه حرية في كل شيء وأعطاه سلطانًا لكي يتمم مقاصد مملكة الله لكي يثبت في الحق (يو8: 44).

ثانيًا: سقوطه:

لم يحفظ الشيطان مركزه وثباته في الحق، لكنه تعالى وتكبر على الله، مستغلاً سلطانه ويحكي النبي إشعياء هذا السقوط بالقول: "كيف سقطت من السماء يا زهرة الصبح؟ كيف قطعت إلى الأرض يا قاهر الأمم؟ وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السماوات أرفع كرسى فوق كواكب الله وأجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال أصعد فوق مرتفعات السحاب أصير مثل العلي، لكنك انحدرت إلى الهاوية إلى أسافل الجب" (إش14).
سقط الشيطان في خطية الكبرياء والتعالي على الله لإنشاء مملكة مماثلة لمملكة الله، مستغلاً سلطانه وجنوده ليمكلك وسطهم. وأيضًا سقط من السماء ولا يكون تحت السلطان الإلهي ليصير عدوًا لله ويؤسس مملكة جديدة هى مملكة الشيطان والأبالسة والأرواح الشريرة.

ثالثًا: صار الشيطان رئيس هذا العالم:

لقد طرد الشيطان من السماء. لكنه نزل إلى الأرض وملك بالخداع والمكر على الجنس البشري، فخدع آدم وحواء في جنة عدن وتسبب في عقابهم وطردهم من جنة عدن. وصار لقبه رئيس هذا العالم (يو12: 31) وأيضًا رئيس سلطان الهواء (أف2: 2)، لم يعطه الله هذا السلطان واللقب، لكن الإنسان هو من أعطاه الولاء والرياسة وتبع الكثير طرقه، فصار رئيس هذا العالم. وليس المقصود بالعالم المادي الجغرافي أو التاريخي، لكنه المقصود العالم بالمعنى المعنوي أي شهوته وخطاياه وماديته، فهو رئيس هذا العالم "الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية" (أف2: 2).

رابعًا: هزيمة الشيطان:

"لأجل هذا أظهر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس" (1يو3: 8). أتى الرب يسوع المسيح ابن الله المبارك الكلمة المتجسد، لكي يحقق ما حكم به الله على الحية في جنة عدن "هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه" (تك3: 15)، ونسل المرأة هو المسيح "أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة" (غلا4: 4)، وأتى إبليس ليجرب الرب يسوع في بداية خدمته ولكن استخدم الرب سلاح المكتوب في تجربته. (لو4: 1- 13).

ولكن استمرت الحرب كل وقت حياة الرب على الأرض، فسلط عليه الفريسيين والكتبة الذين لم يعرفوه، لكن الشياطين كانت تعرفه أنه ابن الله (مت8: 29)، وسلط عليه حتى بطرس ليعنفه على طريق الصليب والجموع التي رفضته.

وهكذا استمرت المواجهة حتى يوم الصليب وهناك كان مشروع الفداء الكفاري والخلاص للإنسان وهناك أيضًا انهزم إبليس هزيمة ساحقة وتجرد منه سلطانه على أولاد الله وعلى كل من يحتمي في عمل يسوع المسيح الكفاري على الصليب وهكذا يشهد الرسول بولس "إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيه (أي في الصليب)" (كو2: 15).
وهكذا شهد الرب "رأيت الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو لا يضركم شيء" (لو10: 19).

فقدم لنا المسيح على الصليب العمل الكفاري بدمه الكريم كما هزم إبليس أنقذنا من سلطانه "الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا" (كو2: 13، 14).

كما أعطانا سلاح الله الكامل لننتصر على كل سهام إبليس (أف6).

خامسًا: مصيره:
وهنا سيكون سقوطه الأخير والنهائي "وإبليس الذي كان يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت حيث الوحش والنبي والكذاب وسيعذبون نهارًا وليلاً إلى أبد الآبدين" (رؤ20: 10).

فالنار الأبدية هى المكان المعد لإبليس وجنوده (مت25: 41)، ومن هنا نفهم أن سقوط إبليس تم على ثلاث مراحل متفرقة:

أولاً سقوط أزلي: قبل خلق الإنسان. سقط عن كونه مخلوقًا ملائكيًا كاملاً.

ثانيًا سقوط قضائي: عند الصليب حيث انهزم وفقد سلطانه وشكواه ضد الإنسان المحتمي في دم يسوع المسيح (وهذا أثمن ما كان يمتلك).

ثالثًا سقوط فعلي: وهو مرتبط بالنهاية في مجيء المسيح ثانية.

وأخيرًا السؤال: لماذا ينتظر الرب عليه كل هذا؟

وهنا تكون الإجابة سهلة. لأن مشروع إبليس هو إنشاء مملكة منفصلة عن الله ومضادة له. لهذا أراد الله أن يتركه ليحقق الآتي:
أولاً: لكي لا يكون الله هو الجبار المتجبر الذي يفني كل من يعارضه ويقف أمامه، بل هو الإله المحب صاحب القلب المفتوح ويترك من يخالفه ليؤسس مملكته كما تحلو له، حتى يحكم بنفسه على نفسه في النهاية.

ثانيًا: لكي يترك الإنسان حرية الاختيار بين مملكة الله الداعية للحرية والسلام والفداء ومملكة إبليس الداعية للحرية الوهمية والتمرد على الله.
لهذا ترك الله الشيطان ليقدم بضاعته الفاسدة. لكي يقدم للإنسان فرصة للاختيار ليكون حكم الله على الإنسان وعلى إبليس عادلاً.
ولا زالت هناك فرصة للاختيار اليوم: إما أن تهرب من الغضب الآتي بقبول المسيح وعمل الفداء الكفاري لأجلك، أو تترك نفسك لسلطان إبليس ليذهب بك إلى نهايته المحتومة.

لهذا يقول الرسول بطرس: "اصحوا واسهروا لأن إبليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه هو" (1بط5: 8).


د. إيهاب البرت
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


طباعة   البريد الإلكتروني

أحدث الاضافات

logo

المقر الرئيسي - جمعية شبرا

العنوان : 12 ش قطة – شبرا- القاهرة

التليفون : 27738065 2 02+

بريد الالكتروني : عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تجدنا في الفيسبوك

الانضمام إلى قائمة المراسلات

ادخل بريدك الإلكتروني للاشتراك في قائمة البريد الإلكتروني

الرجاء تعبئة الحقول المطلوبة.
الرجاء تعبئة الحقول المطلوبة.

بحث...