كيف يقول المسيح: يا أولاد الأفاعي.. يا مرائي.. يا غبي يا شيطان.. كلاب.. خنازير
هل كان الرب يسوع المسيح يشتم؟ هل استخدم ألفاظًا نابية لا تليق؟ هل هناك ثمة إهانة خرجت من فيه لمن يسمعونه؟
يقول صديقي المتشكك:
لقد سب الرب يسوع الجموع أكثر من مرة وشتمهم. لقد قدم المسيح تعاليم لسامعيه وأكد فيها: "من قال لأخيه يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم" (متى5: 22) ولم ينته الأمر هكذا، بل علم أتباعه أن يتلفظوا بألفاظ تهين وتشتم سامعيهم وإليكم بعض الأمثلة من الإهانات التي وجهها السيد وتابعوه.
1- قال يسوع للفريسيين: "يا أولاد الأفاعي كيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرار؟" (مت12: 32).
2- في الموعظة على الجبل يقول: "يا مرائي أخرج أولاً الخشبة من عينك" (لو6: 42).
3- في مثل الغني يقول السيد: "يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك" (لو12: 20).
وهكذا كتب الرسول بولس: "يا غبي الذي تزرعه لا يحيا إن لم يمت" (1كو15: 36).
4- قال يوحنا المعمدان: "يا أولاد الأفاعي من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي؟" (متى3: 7).
5- قال الرب يسوع للمرأة الكنعانية: "ليس حسنًا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب" (متى15: 26)، وهذا يعني وصفها مع كل الأمم بالكلاب.
6- فالتفت وقال لبطرس: "اذهب عني يا شيطان" (متى16: 23).
7- "لا تعطوا القدس للكلاب ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير" (متى 7: 6).
ما رأيك في كل هذا السباب والشتائم التي تحدث بها الرب بفمه الذي قدم العظات الغنية بالتعاليم عن الحب؟
الرد:
وللرد على هذه الكلمات لابد من تفنيدها وفهم أصل الكلمة وعندها سنكتشف معنى جديدًا لم يكن هو المفهوم من الكلمة. لكن قبل كل شىء نحب أن نوضح تعاليم الكتاب في أمر السب والإهانة. والملاحظ انتشار هذه الظاهرة وكثرتها. فأصبح الناس يهينون بعضهم البعض ويصيحون بأفظع الشتائم والألفاظ. ولكن دعونا نسمع أمر الرب في الكتاب المقدس.
علم الرب موسى قائلاً: "من شتم أباه أو أمه يقتل قتلاً" (خر21: 17).
"لا تشتم الأصم وقدام الأعمى لا تجعل معثرة بل اخش إلهك.. أنا الرب" (لا19: 14).
تحدث الرسول بطرس من عاشر الرب يسوع قائلاً: "الذي إذ شتم لم يكن يشتم عوضًا وإذ تألم لم يكن يهدد بل كان يسلم لمن يقضي بعدل" (ابط2: 23).
بل كانت الجموع: "يتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه" (لو4: 22)، فكان فمه ممتلأ حكمة ونعمة.
لقد علم الرب الجموع: "فإن الله أوصى قائلاً: "أكرم أباك وأمك ومن يشتم أبًا أو أمًا فليمت موتًا" (متى 15: 4).
إذًا لم يسب السيد أو يشتم قط. بل علم كيف لا يصح لنا أن نتلفظ بألفاظ لا تليق وقال: "إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حسابًا يوم الدين" (متى12: 36). ولكن دعونا نفند ونفهم كلمات الآيات المذكورة ومدلولها.
أولاً: لماذا قال الرب للفريسيين: "يا أولاد الأفاعي"؟
هذا يعلن عن نسبهم إلى إبليس المدعو "الحية القديمة" (رؤ12: 9) وأتباعه لأنهم لم يصدقوا رسالته ولما رأوه يخرج الشياطين والأرواح النجسة، قالوا عنه إنه "ببعلزبول" أي رئيس الشياطين. ولابد أن نفهم أن الفريسيين هم شيعة من اليهود المدققين اشتهروا بتمسكهم الشديد بأدق التفاصيل الطقسية المتعلقة بالناموس وقد وبخهم الرب على تمسكهم بالممارسات الناموسية دون التمسك بكلمة الله وحفظ الوصايا. لهذا وصفهم الرب بأنهم أتباع إبليس الذين يدفعون أولادهم وأتباعهم إلى التطرف والتمسك بالقشور دون التمتع بكلمة الله والشبع بها، فتغير الكيان والذهن وتدفع إلى الفضيلة والأخلاق الحسنة.
لقد كان الرب يشير إلى أبيهم الحقيقي "أنتم من أب هو إبليس" (يو8: 44).
ثانياً: قال الرب: "يا مرائي"
اللفظ اليوناني لهذه الكلمة يعني "الممثل الذي يمثل على خشبة المسرح أو من يرتدي القناع" ويستخدم متى الأصل اليوناني لهذه الكلمة 13 مرة في إنجيله الموجه لليهود. وهى تشير إلى من يرتدي قناع التقوى ويقوم بتمثيل هذا الدور دون أن يعيشه ويحمله في قلبه.
ثالثاً: "يا شيطان" (مر8: 33)، (لو4: 8)
إن محاولة بطرس إبعاد الرب يسوع وإثناءه عن الذهاب للصليب هى ذات محاولة الشيطان لمنع مشروع الصليب من البداية في التجربة على الجبل (متى4: 8- 10)، لهذا سمع الرب صوت بطرس يحمل فكرًا شيطانيًا واضحًا، فأراد أن ينتهره. وهذا لا يعني أن الشيطان سكن في بطرس. ولكن بطرس اهتم بما للناس وليس بما لله وتحدث بنظرية الجسد التي تنبع من الشيطان، فإن خطة الصليب في فكر الله من قبل تأسيس العالم.
رابعًا: "يا غبي" (لو12: 20).
وهذا لفظ يعني "الجهل" "عدم تقدير الأمور التقدير الصحيح" "الفشل في التفكير الصحيح" وهى نعت وصفة وليست شتيمة. لقد عاش هذا الغني لنفسه ولم يكن غني بالإيمان وحب الرب. لقد تصرف بحكمة البشر في هدم المخازن وبناء أعظم منها. لكنه قال بجهل:" أقول لنفسي: يا نفس... استريحي وكلي واشربي وافرحي!" (لو12: 19)، فنسي الله في حسابه، لأن رأس الحكمة مخافة الرب (مز111: 10) والرب يسوع صار لنا حكمة من الله والتعلق به هو عين الحكمة (1كو1: 30).
خامساً: لا تعطوا القدس للكلاب (متى7: 6).
وهكذا تحدث أيضًا الرب يسوع مع المرأة الكنعانية: "ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب" (متى15: 26).
لماذا؟
هذا مبدأ يفسر لماذا لم يجر الرب معجزات أمام غير المؤمنين (متى13: 58)، حتى تظل المقدسات ويظل الحق باحترامه وقدسيته، لأن طرح هذه الأمور أمام من يحتقرونها ويستهينون بها يعرضها للقبح والاستهانة. لقد كان هذا مثلاً قديماً ويكرره الرب دون أن يوضح من هم الكلاب، لأن الهدف ذكر الحق وليس تطبيق المثل على من حوله، فلم يقصد بها شتيمة أحد.
أما عن كلام الرب مع المرأة الكنعانية، فكان حديثاً محترماً وليس مهيناً، فقال لها: "ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب" وأتى لفظ الكلاب هنا بمعنى "جرو الكلب المدلل في البيت" مثل ما يكون في البيت كلب صغير جميل يتمتع بدلال وإكرام البيت كله. وله طعام مختلف عن كل البنين. فالبنون لهم طعامهم وهو له طعامه الخاص. لكن لا يفهم من الكلام عن المرأة على أنه فظ وعديم الشعور، لكنه في الواقع ينتزع منها بلطفه وذكائه تعبيراً واضحاً عن الإيمان واللجاجة في الطلب. والدليل إنه إستجاب لها ومدح إيمانها: "يا امرأة عظيم إيمانك. ليكن لك كما تريدين" (ع28).
دعونا نطهر ألسنتنا من كل شتيمة ولفظ خارج وهكذا نتعلم من السيد: "لكن أقول لكم إن كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين" (متى12: 26).
د. إيهاب ألبرت
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.