للتنمية الروحية

هل الله يعاقب بالمرض؟!

+ هل لأنى أخطأت يعاقبنى بهذا المرض؟!

لقد عانى العالم ومازال يعانى من أمراض كثيرة متنوعة ومختلفة ولكن عندما يقع الإنسان تحت وطأة المرض وآلامه يتوجه بعينيه إلى السماء ليسأل الرب هذا السؤال: ماذا فعلت من خطية في حياتى لكى تعاقبنى بهذا المرض؟ أو قد يقول: "أنت إله قاسٍ لأنك بليتنى بهذا المرض أمام خطاياى البسيطة؟
وهنا يأتى السؤال: هل الله يستخدم المرض كعقاب لينزل به على رأس البشرية ليتحملوا نتيجة شرورهم وآثامهم؟

وهناك قصص في الكتاب المقدس تبدو أنها تؤيد هذه الفكرة:

1- يبست يد يربعام الملك حين سمع نبوة النبى عن مذبح الأوثان الذى عمله يربعام وحين طلب أن يمسك النبى، أصيب بشلل في يده. (1مل13: 4).
2- لقد ذهب إيليا إلى رسل ملك السامرة أخزيا قائلاً: "هكذا قال الرب إن السرير الذى صعدت عليه لا تنزل منه بل موتًا تموت (2مل1: 4).
لذلك دعونا نكذب ونفضح هذا الادعاء

+ أولاً: تحدثنا في عدد سابق أنه قد يكون المرض صناعة إنسانية، فالإنسان واستعماله الخاطىء للمخلوقات والمصنوعات أدى إلى انتشار كثير من الأمراض، فأمراض الفشل الكلوى والسرطانات والالتهابات الرئوية والتنفسية ما هى إلا نتاج التلوث البيئى المستمروالمتصاعد. وحتى الأمراض الوراثية تكون ناتجة عن طفرات غير طبيعية وزواج الأقارب الذى يؤدى إلى عيوب وراثية خلقية. فالمرض ليس لعنة من الله.

+ ثانياً: عندما نقترب من قلب الله المعلن في شخص الرب يسوع المسيح وما أعده لنا من فداء وخلاص بتقديم جسده على الصليب من أجلنا ليقدم لنا الخلاص الأبدى لغفران خطايانا "لأنه ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" (يو15: 13)، وعندما التقى الرسول يوحنا بهذا الحب صرخ قائلاً: "انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله" (1يو3: 1)، لهذا لابد أن تكون خلفية الصورة أثناء المرض والألم هو الحب الإلهى السامى للبشر، ولكل البشر.

ولكن يحاول إبليس أن يشوه صورة الله في أذهاننا بأن هذا عقاب من الله بسبب ما فعلناه وهذا ليس ما في قلب الله المكتوب عنه والمشهود له "الرب رحيم ورؤف طويل الروح وكثير الرحمة لا يحاكم إلى الأبد ولا يحقد إلى الدهر لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب آثامنا لأنه مثل ارتفاع السموات فوق الأرض قويت رحمته على خائفيه كبعد المشرق من المغرب أبعد عنا معاصينا" (مز103: 8- 12)، فهو الإله الذى يغفر كل ذنوبنا لأنه قدم نفسه ذبيحة على خشبة الصليب ليدفع ثمن كل خطايانا إن احتمينا في دمه وقبلنا بالإيمان غفرانه الكامل.

فالله المحب لا يمكن أن يعاقب بالمرض. ولإثبات هذا الأمر، هناك حادثتان هامتان توضحان هذه الفكرة.

1- المولود أعمى: "رأى إنسانًا أعمى منذ ولادته فسأله تلاميذه قائلين: يا معلم من أخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى؟ فأجاب يسوع لا هذا أخطأ ولا أبواه لكن لتظهر أعمال الله فيه" (يو9: 1- 4).

لقد كان حكمالتلاميذ على المولود أعمى أنه لابد هناك خطية ما عنده أو عند أبويه لكى يعاقب بالولادة أعمى. لكن متى أخطأ هذا الولد لكى ينال جزاءه ويولد أعمى. هل أخطأ في بطن أمه. وهل لأن أبويه أخطأا فيعاقبهما بابن معاق لا أمل في شفائه. لكن حل يسوع هذا اللغز فقال: "لا أخطأ هذا ولا أبواه". فلا يوجد عقاب خطية بهذه الطريقة،لكن لكى تظهر أعمال الله فيه. فالله يستخدم هذا المرض لكى يمجد اسمه. لم يكن هو مصدره،لكنه يستطيع أن يستخدمه في حياة الإنسان ليصنع منه بركة ونعمة لحياته.

2- الجليليون: "قوم يخبرونه عن الجليليين الذين خلط بيلاطس دمهم بذبائحهم، فأجاب يسوع وقال لهم: أتظنون أن هؤلاء الجليليين كانوا خطاة أكثر من كل الجليليين لأنهم كابدوا مثل هذا؟ كلا أقول لكم إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو13: 1- 3).

لقد كان حكم الناس على هؤلاء أنهم خطاة أكثر من باقى البشر وهذا عقاب الرب لهم، لكن المسيح رأى أن الموت الجسدى لا يهم لكن الأهم هو الموت الأبدى الذى ينتظر خاطئًا لم يتب ولم يحتمِ في دم المسيح.. فالعبرة ليست بموت الجسد بالسيف بل بالموت الأبدى في جهنم النار الأبدية. فالجليليون كانوا مثل كل الخطاة ذهبوا لنهايتهم الحتمية نتيجة خطيتهم بالهلاك الأبدى.

+ولكن أحب أن أسرد الرد على القصتين المذكورتين في أول المقال:

قصة يربعام: لقد كانت حادثة شلل يد يربعام بن نباط هى حادثة شلل مؤقت ليعلن الله قوته أمام الشعب وبعدها صلى النبى وعادت يده صحيحة (1مل13: 4)، فأعلن الله قوته وأعلن صدق نبوة هذا النبى بهذه الطريقة. ولم تكن عقابًا ليربعام مع أنه خاطىء وجعل إسرائيل كلها تخطىء معه.

قصة أخزيا: مرض أخزيا لم يكن من الله،لكن يؤكد الوحى المقدس "سقط أخزيا من الكوة التى في عليته في السامرة فمرض" (2مل1: 2). فالمرض سببه حادثة سقوط، لكنه أرسل ليسأل إله الذباب (بعل ذبوب إله عقرون) أى ذهب يسأل الشيطان نفسه، فأعلن له الله نتيجة مرضه قبل الأوان، لكى لا ينجرف الشعب خلف الملك ويذهب ليسأل ويعبد الأوثان التى تمثل عبادة الشيطان.

قصة أيوب: وتحمل لنا قصة أيوب مثالاً واضحًا أن الرب لا يعاقب بالمرض، لكنه قد يسمح به. ويسمح للشيطان أن يتدخل بالمرض حتى يمتحن أيوب ويركز إيمانه وليس لكى يعاقب. فالله كلى الحكمة والقدرة عندما يسمح بالمرض، فهو يعلن حبه فيه أكثر. لقد حاول أصدقاء أيوب أن يؤكدوا له أن هذه المصيبة سببها خطية "اذكر من هلك وهو برىء" (أى4: 7). لكن الله وبخهم على هذا وأعلن لأيوب أن له مقاصد سامية وعالية، عندما سمح بهذا الألم.
فالله يسمح بالمرض ولا يعاقب به. وهذا يؤكد أنه ليس مصدره ولكن لماذا يسمح به؟

1- لتزكية إيماننا وتدريبه. فالإيمان ينمو مثل العضلات بالتدريب المتجرد المتدرج في القوة. لهذا يقول الرسول يعقوب: "احسبوه كل فرح يا إخوتى حينما تقعون في تجارب متنوعة عالمين أن امتحان إيمانكم ينشىء صبرًا" (يع1: 3).
وهكذا يقول الرسول بطرس: "أيها الأحباء لا تستغربوا البلوى المحرقة التى بينكم حادثة لأجل امتحانكم كأنه أصابكم أمر غريب بل كما اشتركتم في آلام المسيح. افرحوا لكى تفرحوا في استعلان مجده أيضًا مبتهجين" (1بط4: 12، 13).

2- لتأديبنا وإصلاحنا. فهو لا يعاقب لكنه يؤدب بالحب والهدف منه التوجيه والإصلاح. يشرح كاتب العبرانيين هذا الأمر "لأن الذى يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل ابن يقبله. إن كنتم تحتملون التأديب يعاملكم الله كالبنين. فأى ابن لا يؤدبه أبوه؟. ثم قد كان لنا آباء أجسادنا مؤدبين وكنا نهابهم، أفلا نخضع بالأولى جدًا لأبى الأرواح فنحيا؟" (عب12: 6- 9).

تقابلت مع الآلاف من المؤمنين المجربين بالمرض ووجدتهم متعثرين في الله، لأنه سيطر عليهم الفكر الشيطانى أن هذا المرض هو عقاب إلهى على أخطائهم، فيعاتبونه قائلين: "هل هذا هو الإله الرحيم الرؤوف؟ ألم يغفر لنا؟ ألا يتأنى علينا؟ ألا يجذبنا بالحب أفضل من أن نرجع للرب بهذه الطريقة؟! وهم محقون لو كان الله يعاقب بالمرض. لكننا ننفى عن الله هذه التهمة، لكنه الإله الغافر الإثم والصافح عن الذنب. الإله المحب الذى يسمو في حبه وعطفه. وفي أفكاره وتخطيطه لنا. ثق أنك في يده الأمينة المحبة المخلصة. ثق فيه واتكل عليه وهو يجرى معجزات وعجائب لا تحصى.


د. إيهاب ألبرت
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


طباعة   البريد الإلكتروني

أحدث الاضافات

logo

المقر الرئيسي - جمعية شبرا

العنوان : 12 ش قطة – شبرا- القاهرة

التليفون : 27738065 2 02+

بريد الالكتروني : عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تجدنا في الفيسبوك

الانضمام إلى قائمة المراسلات

ادخل بريدك الإلكتروني للاشتراك في قائمة البريد الإلكتروني

الرجاء تعبئة الحقول المطلوبة.
الرجاء تعبئة الحقول المطلوبة.

بحث...