"لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ" (عب 2: 18 )
نعم إنه مما يسر القلب أن أعرف أن الرب قد ذهب إلى الصليب من أجل خطاياي. وكم هو أمر معزٍ للقلب أيضاً أن أعرف أن رب المجد وقد أحبني، فإنه أراد أن يشعر معي بكل الظروف التي يُحتَمل أن أجتاز فيها، فاختار بإرادته أن يختبرها كلها بنفسه. كم يغير هذا الفكر كثيراً من نظرتنا إلى الصعوبات التي تعترضنا!!
أجل، إن عمل الرب يسوع على الصليب لهو عظيم بما لا يُحد أو يُقاس، فكيف يمكننا تقدير الثمن الذي دفعه؟! على أن الرب يسوع لم يَمُت فقط لينقذنا من الجحيم، ولكنه عاش على الأرض 33 عاماً لكي يُرينا أنه يسير برفقتنا على الأرض بعد معرفتنا له واختبارنا لخلاصه. وماذا كان سيسعدنا إن كان الرب يسوع بعد صعوده إلى السماء يتركنا على الأرض لنعتني نحن بأنفسنا؟!
لقد أراد في محبته أن يُعايش كل ظروفنا على اختلافها ليعرفها بالاختبار وليرثي لنا في كل هذه الظروف. لقد عاش رضيعاً، وطفلاً صغيراً وبالتالي يمكنه أن يفهم الصغار ومشاكلهم، واحتياجاتهم. وقد عاش صبياً وشاباً، فيمكنه أن يفهم الأولاد والبنات، والشباب عامة. ويعرف كل احتياجاتهم.
وهل يمكننا أن نتخيَّل موقفاً واحداً لا يقدر أن يرثي لنا فيه كبالغين لأنه لم يختبره له المجد؟ لقد تعب من السفر لذا فهو يفهم متاعبنا، ويعرف ماذا يعنيه ألم الجوع لأنه صام مرة أربعين يوماً. وعلى الصليب قال "أنا عطشان". لقد عرف معنى ذرف الدموع أمام مشهد قبر صديق محبوب. وقد اختبر التجربة من الشيطان. وبعد أربعين نهاراً وأربعين ليلة تركه إبليس بعدما استنفذ معه كل حيلة وتجربة، وأصبح مستحيلاً بالنسبة للشيطان أن يأتي بتجربة لم يتعرَّض لها المسيح قبلنا!!
ولأن الرب يسوع قد اختبر كل أنواع أسلحة الشيطان في حربه، فهو يعلم بالتحديد القوة التي نحتاج إليها لنثبت أثناء تجارب العدو لنا؛ كما يعرف ضراوة المعركة وشراستها عندما يجربنا العدو. ولكنه أيضاً على الجانب الآخر يشفع فينا، وحتى نجد النعمة التي نحتاج إليها وقت التجربة.