"وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئًا"( يو 21: 3)
"وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يُمْسِكُوا شَيْئًا.. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَامًا؟"( يو 21: 3 -5)
قال الرب لتلاميذه في ليلة تسليمه "وَلكِنْ بَعْدَ قِيَامِي أَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ". وقال الملاك للنساء عند القبر الفارغ "لكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ" ( مر 14: 28 ، 16: 7). ولقد ذهب التلاميذ إلى الجليل ليروا سيدهم المُقام من الأموات. وكان في انطلاقهم إليه علامة طاعة.
ولكن الجسد الضعيف عجول، يضيق ذرعاً بالانتظار. كان شاقاً عليهم أن ينتظروا بصبر ظهور الرب ليهدي خطواتهم. قال واحد منهم "أنا أذهب لأتصيّد"، فقال له الآخرون "نذهب نحن أيضاً معك" .. فهلا تتفكرون يا تلاميذ المسيح المُقام في شاول المتسرع، ذلك الملك غير المطيع، الذي رفض انتظار صموئيل لتقديم المحرقة ( 1صم 13: 8 -14)؟ وتسرعه الجسدي كلّفه المملكة.
يا خراف المسيح هلا تنتظرون بصبر الراعي العظيم الذي ضُرب لأجلكم؟ ليتكم لا تفسدون طاعتكم بعدم صبركم.
والتلاميذ السبعة وهم على علم تام بوعد الرب أنه سيسبقهم إلى الجليل، مضوا في مغامرتهم للصيد، مع أن الرب لم يكن قد أظهر نفسه بعد لهم.
أما وُجد بينهم واحد يذكر كلمات الرب الوداعية "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً؟" لكن على أية حال، جميعهم اختبروا صدق هذه الكلمات على بحر طبرية في تلك الليلة، لأن كل قوتهم وكل مهارتهم وكل حكمتهم وكل خبرتهم بالبحر لم تُجدِ نفعاً. لم يُمسكوا شيئاً في تلك الليلة، وبزغ ضوء الصباح الباكر على قوم جياع مكتئبين منهوكي القوى ومتضايقين؛ يحز فيهم الخجل من فشل مشروعهم.
مَنْ هذا الذي يظهر على الشاطئ مع الفجر خلف الضباب؟ مَنْ هذا الذي يعلو صوته على خرير المياه المتكسرة على الشاطئ؟ لقد سألهم: "يا غلمان ألعل عندكم إداماً؟" لكن قبل أن يعلن عن نعمته ويكشف لهم رحمته؛ يُشعرهم بجهالتهم وفشلهم في ما أقدموا عليه، وأنهم ليقدّرون عندئذ أعمق التقدير، وليمة الشبع التي جهزها لهم. لقد رتب لهم على الشاطئ ناراً للدفء وطعاماً للشبع.