"الرب... الذي يُشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك" (مز 103: 5)
يعيش النسر أكثر من مائة سنة، وعندما يبلغ الستين من عمره، ويبدو عليه الضعف والشيخوخة حتى يكاد يدنو من النهاية، نراه يجلس هناك بريشه العتيق المتنافر، خائراً ضعيفاً، ويصبح منقاره مُشققاً كبير الحجم يفتحه بصعوبة بالغة ليتناول طعامه. ثم لا يلبث أن ينهض فجأة من هذه الحالة ليطير ويضرب منقاره القديم بكل قوة في الصخر مرات كثيرة حتى يتكسر ويسقط هشيماً، فيظهر تحته منقار صغير جديد حاد. ثم يبدأ يحك جسده في الصخور ليتخلص من الريش القديم، فيتجرح وتسيل منه الدماء، لكن يبدأ الريش الجديد ينمو. نعم لقد بدا النسر ضئيل الحجم عن ذي قبل إلا أن شبابه قد تجدد تماماً وعادة يعيش بعد ذلك حوالي خمسين سنة.
هكذا أيضاً حياة الإيمان والتكريس والخدمة، لا يجب أن تلحقها الشيخوخة مثل الجسد الضعيف الفاني، بل على العكس، تكون حياة شبع متزايد وحياة نمو في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح. قد يصيب الجسد الضعف والوهن بسبب تفدم السن والتعب في خدمة السيد وتحمل الآلام في طريق الخدمة، لكن "لا نفشل، بل وإن كان إنساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يوماً فيوماً" (2كو 4: 16).
لقد وعدنا الرب نفسه أن يأتي ثانية ليأخذنا إليه، والنفس المنتظرة لهذا "الرجاء المبارك" ترفع أجنحتها استعداداً لمُلاقاة الرب في الهواء "وهكذا نكون كل حين مع الرب". وكل الذين ينتظرون الرب بقلوب مشتاقة، يستندون الآن على وعده الثمين "منتظرو الرب يجددون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور. يركضون ولا يتعبون. يمشون ولا يعيون" ( إش40: 31 )، وهكذا هم يواصلون السير في الطريق الضيق، محتملين الآلام في طريق الخدمة للرب "حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع أيضاً في جسدنا المائت" ( 2كو 4: 10).
فإن كان قد أصابك أيها الأخ المؤمن الضعف الروحي، فضعفت شهيتك لكلمة الله وفترت عزيمتك في الصلاة، فابحث عن السبب. هل مال قلبك إلى العالم أو إلى المال؟ هل فيك خطية مُستترة؟ ليتك تستيقظ الآن وتقطع صلتك بكل ما يعطل شركتك. والرب مستعد أن يقويك ويجدد شبابك الروحي.