" إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ! " (مت24:27)
نواصل اليوم حديثنا الذي بدأناه الأربعاء الماضي عن دبلوماسية بيلاطس، فنقول:
" فلما رأى بيلاطس أنه لا ينفع شيئاً بل بالحري يَحدُث شغب، أخذ ماء وغسل يديه قدام الجمع قائلاً إني بريء من دم هذا البار. أبصروا أنتم "(مت 27: 24 )
ثالثاً: الهروب من المسئولية الفردية : " وَكَانَ يُطْلِقُ لَهُمْ فِي كُلِّ عِيدٍ أَسِيرًا وَاحِدًا، مَنْ طَلَبُوهُ " ( مر 15: 6 ) لقد جرَّب حيلة ذكية أخرى، وهي أن يجعل الجموع هي التي تطالب بإطلاق يسوع، حتى وإن كان الأساس خاطئ؛ إذ سيُطلق المسيح لا لأنه بار، لكن كهبة العيد التي فيها يُطلق أحد المجرمين. وكأنه يقول إن يسوع مجرم كباراباس، لكن بما أننا في العيد، فدعونا نُشفق عليه ونُطلقه، وبهذا يتحاشى الحكم ببراءة المسيح وإطلاقه.
وكم من أُناس ليس عندهم الشجاعة الأدبية ليقفوا بمفردهم ويحسموا موقفهم تجاه المسيح، إذ يحاولون أن يجدوا جموعاً يسيرون معهم تأخذ لهم قراراً صحيحاً من جهة المسيح، حتى وإن كان على أساس خاطئ، وهؤلاء سيخذلهم الناس كما خذلوا بيلاطس، وسيجدون أنفسهم في العذاب ولن ينفعهم الناس هناك.
رابعاً: تهدئة الضمير : " فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلًا: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ! " ( مت 27: 24 ) كانت الحيلة الأخيرة التي لجأ إليها هي حيلة غبية يلجأ إليها الملايين في هذا العالم الحاضر الشرير. لقد غسل يديه بماء قائلاً إني بريء من دم هذا البار؛ ثم أسلمه ليُصلب. لقد حسم الأمر أخيراً أن يفعل الشر، ولكي ينجو في نفس الوقت من عذاب ضميره، غسل يديه بماء. وكم من أُناس يلجأون لمياه التدين الظاهري من أصوام وصلوات وصدقات ليهدئوا بها صوت الضمير الذي يدينهم لعدم حسم القضية لصالح المخلص العظيم. لكن كما لم تنجح هذه المياه، ولا مياه المحيطات كلها، أن تغسل يدي بيلاطس من فعلته الشنعاء، كذلك لن يصلح أي كم من التدين في التكفير عن خطية واحدة من خطايا الإنسان.
وفي النهاية، ويا لها من كلمات مُرعبة سجلها الوحي عن بيلاطس: كان يريد أن يعمل للجمع ما يرضيهم " فَبِيلاَطُسُ إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْجَمْعِ مَا يُرْضِيهِمْ، أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَسْلَمَ يَسُوعَ، بَعْدَمَا جَلَدَهُ، لِيُصْلَبَ "( مر 15: 15 ) " فَحَكَمَ بِيلاَطُسُ أَنْ تَكُونَ طِلْبَتُهُمْ" ( لو 23: 24 ) وأسلم يسوع لمشيئتهم ( لو 23: 25 ). إن معنى اسمه "حامل الرمح" ولقد كان يستطيع أن يصوّب رمحه مرة واحدة صحيحة، ويجلب لنفسه انتصاراً أبدياً، ولكنه بخزي وجبن وخسة، تردد كثيراً، وفي النهاية طعن نفسه برمحه وهلك هلاكاً أبدياً.
عزيزي .. احذر من دبلوماسية بيلاطس .. احذر من التردد واحسم القضية الآن ..اعترف بخطاياك واقبل المسيح رباً ومخلصاً الآن.