"قد تناهى الليل وتقارب النهار " ( رو 13: 12 )
عزيزي، ألا تشعر رغم الظروف الصعبة باقتراب بزوغ الفجر؟! ألا ترى معي أن الليل كاد ينتهي، وأن كوكب الصبح المُنير قد لاح، وأن مجيء الرب قد اقترب؟! ألا تسمع صوته من خلال الأحداث الجارية، وكأنه يقول لعروسه "قومي يا حبيبتي يا جميلتي وتعالي، لأن الشتاء قد مضى، والمطر مرّ وزال، الزهور ظهرت في الأرض، وقد بلغ أوان القضب، وصوت اليمامة سُمع في أرضنا". إنه يدعونا من عالمنا الكئيب إلى بيت الآب الرحيب، ومن مدننا التي تهرأت إلى المدينة التي صانعها وبارئها الله، ومن حيث نلمس آثار الخطية في كل ما يحيط بنا، إلى مكان البركة والحياة الأبدية حيث الخطية وكل نتائجها لا تقدر أن تدنو.
تذكَّر عندما جمع الرب يسوع تلاميذه المضطربين في ليلته الأخيرة والحزينة على الأرض. في تلك الليلة الشتائية الباردة، عندما كانت سُحب الدينونة على وشك أن تصب غمارها فوق رأسه القدوس على الصليب. فإنه اخترق ظلمات الدينونة التي انفرد هو بها، ووعد تلاميذه أنه سيمضي ليعد المكان، وقد قربت اللحظة التي فيها يتحول الإيمان إلى عيان.
إن أول ذكر في الكتاب المقدس للإيمان جاء في الليل (تك15). ففي الليل الحاجة ماسة إلى الإيمان، لكن هناك سنرى وجهاً لوجه، ونعرف كما عُرفنا.
وهو وعد "إن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم إليَّ". ومع أن وقت غربتنا في عالم الهول كان مُتعباً إذ كان وقت انتظار وتجارب، لكن تشدد أيها السائح المسيحي "ماران آثا" وهو حتماً سيأتي، ومجيئه سينهي ظلمة الليل، ويبدل نوحه بالأفراح.
أخي، إن ظلال الزمن تمضي مُسرعة، واليوم الأبدي قد اقترب جداً، وعندئذ لن يكون ليل، ولا ما يمت إليه بصلة. فتشدد أيها الحبيب "عند المساء يبيت البكاء وفي الصباح ترنم" ( مز 30: 5 ).
فإلى أن يفيح النهار وتنهزم الظلال، دعنا ننتظره دقيقة فدقيقة. ولتكن حقيقة قُرب مجيئه حية ولامعة أمام قلوبنا، لتضبط سلوكنا وتؤثر في تفاصيل حياتنا، ولتزداد عمقاً كلما دنا اليوم أكثر.