"قَالَ لَهَا يَسُوعُ: ... لَمْ تـأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ" ( يوحنا 2: 4 )
عندما فرغت الخمر في عرس قانا الجليل، قالت المًطوَّبة مريم للرب يسوع: «لَيسَ لَهُم خَمْرٌ». فقال لها الرب: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعدُ». وكان الرب يقصد أن وقته لبدء صنع الآيات لم يكن قد حان بعد. فبالرغـم من كل القوة الإلهية الكامنة فى يديه، إلا أنه لم يكن ليفعل شيئًا بتوجيه من أي شخص آخر، سوى إلهه وأبيه. حتى طلبْ أُمُّهِ مِنه بهذا الشأن، لم يستطع تلبيته.
الفكرة المحورية هنا هي تكريس ربنا التام لمشيئة أبيه، وهو ما نراه خلال كل حياته. لم يفعل شيئًا من ذاته بل أخذ عمله من يد الآب لحظة بلحظة. كان دائم الانتظار ”لسَاعته“. لم يكن لديه خططًا شخصية، بل اتبع القصد الإلهي فى كل تصرفاتـه. وطوال كل السنوات الأولى التي قضاها في الناصرة، وبالرغم من كونه كُلِّي القدرة، لم يصنع آية واحدة. وحتى هنا، بالرغم من طلب وإيعاز أُمُّهِ التي أحبها كثيرًا، لكنه لم يكن ليفعل أي شيء، ولو حتى قبل أن تأتي ساعته بدقيقة واحدة.
إن الدرس العملي لنا هنا هو التكريس لمشيئة الله. ينبغي علينا أن ننتظر الله دائمًا. لكن كثيرين منا يركضون قبل أن يُرسَلوا. وفي غيرتنا على أمور الله وملكوته، قد لا ننتظر التوجيه الإلهي. إننا قد نتكلَّم بكلمات غير مناسبة، والتي – بالرغم مِن صدقها وإخلاصها – تضُّـر أكثر ممَّا تفيد، لأنها لم تكن في وقتها. إننا كثيرًا ما نُحاول أن نُطعم الآخرين بثمار غير ناضجة، فنُخاطب الناس قبل أن يكونوا مستعدين أن يسمعوا. وفي أحوالٍ كثيرة بكلمات تدفعهم بعيدًا عن منَالنا. إننا نسـرع للخروج للكرازة في الوقت الذي ينبغي فيه أن نكون جالسين بهدوء عند أقدام السيد كمُتعلِّمين.
وبالرغم من أن الخطأ الأكثر شيوعًا بين المؤمنين هو البُطء في تتميم أعمال المسيح والاهتمام بدعواته، لكن من الخطأ أيضًا أن نتسرَّع في عمل الرب، ونذهب قبل أن يُرسلنا. مع كل المحبة الخالصة للمسيح، علينا أن نتعلَّم أن نصبر له، أن نصبر حتى تأتى ساعتنا. لا بد أن يُهيئنا هو للعمل قبل أن نكون مستعدين أن نُتمِّمه، ثم عليه أن يجهز العمل لأيادينا. في الخدمة المسيحية، نحن بحاجة إلى الصبر وكبح الذات، بالإضافة إلى الغيرة والإخلاص.