"ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله "( رو 8: 28 )
ما أوسع هذه العبارة! إنها معين لا ينضب يفيض بالتعزية والتشجيع في وقت التجربة وامتحان الإيمان. فالرسول يتكلم عن ثقة لا تتزعزع بعناية الله التي تسيطر وتهيمن على كل الأشياء. ويُستخلص من هذه الآية أربع حقائق كلها ملأى بالتعزية والتشجيع:
(1) خطة الله شاملة: إن الرسول لا يقول "ونحن نعلم أن بعض الأشياء" أو "معظم الأشياء" أو "الأشياء المُفرحة"، بل يقول "كل الأشياء" من أصغرها إلى أكبرها، من أبسط أمور حياتنا اليومية إلى أعظمها أهمية وخطورة. وكل الأشياء تعني الأشياء كلها، بما فيها الحزن والمرض والخسارة والفشل والحرمان، فليس من شيء في أي مجال إلا ويقع تحت سيطرة الله الشاملة.
(2) خطة الله عاملة وفعّألة: فالرسول يقول إن كل الأشياء "تعمل"، فلا يقول عملت أو ستعمل، بل تعمل الآن. والقلب الذي يحب الله يراه عاملاً باهتمام حتى وسط أسوأ أحداث الحياة. إن كل الأشياء آيلة ولا بد إلى ما هو أفضل، لأن الله عامل فيها محولاً اللعنة إلى بركة والكارثة إلى انتصار. لا شك أنه يبدو أحياناً وكأن الله صامت لا يفعل شيئاً، ولكن كثيراً ما يكون الله أكثر عملاً عندما نحسب أنه لا يعمل شيئاً.
(3) وخطة الله متناغمة متناسقة: إن كل الأشياء "تعمل معاً". إنه امتزاج جميل. فالله "يمزج" كل الأشياء للخير للذين يحبونه. فإذا أخذت اختبارات الحياة كل على حدة، قد لا تظهر أنها للخير، ولكن إذ تؤخذ مجتمعة ممتزجة لا تنتج إلا الخير.
(4) وخطة الله خيّرة وصالحة: "تعمل ... للخير". ولكن ما هى طبيعة الخير الذي كان الرسول يقصده؟ كثيراً ما نعتبر الراحة الجسدية والخير شيئين متعادلين. ولكن ليس هذا مايقصده الرسول عندما يتكلم عن الخير. إذ أحياناً تظهر معاملات الله لنا مدمِّرة إذا نظرنا إليها من وجهة النظر الزمنية المادية. فالخير الذي وعد الله به خير روحي، لا زمني عابر. إن القرينة تؤكد أن الرسول كان يرى أن كل ما يساعد في جعله شبيهاً بالمسيح هو خير، وذلك بصرف النظر عن تأثير ذلك على راحته أو صحته أو نجاحه أو سروره "كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله ..... ليكونوا مُشابهين صورة ابنه".