"لنتواقف. مَنْ هو صاحب دعوى معي. ليتقدم إلىَّ "( إش 50: 8 )
هناك نفوس تائبة تحب الرب ولكنها قلقة من جهة أبديتها. وهؤلاء يبدأون بذواتهم بدلاً من أن يبدأوا بالله. إنهم لم يتعلموا الكف عن النظر إلى أنفسهم وأعمال برهم والتحول إلى النظر إلى الله ومحبته وكمال عمله. وإن قُلت لواحد منهم هل ستكون مع المسيح في المجد؟ يُجيبك "أرجو ذلك" وأنا أحاول ولكني لست متأكداً من هذا الأمر حتى الآن. إنني لم أبلغ درجة اليقين.
وما أكثر الذين هذا حالهم - يصلّون ويطلبون ويحاولون أن يجدوا الرضى والاكتفاء. إن همهم كله في ذواتهم. إنهم كما يُقال، يضعون العربة أمام الحصان ثم يستغربون إذا هم لم يتقدموا خطوة إلى الأمام. وطبعاً لا يتقدمون. إن الإنجيل يبدأ بالله وليس بالإنسان. اقرأوا هذه الآية المعروفة جيداً "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل مَنْ يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" ( يو 3: 16 ). إنها تبدأ بمحبة الله وما بذله الله، ثم بعد ذلك الإنسان يؤمن ويأخذ الحياة الأبدية.
تقابلت مرة مع شاب مؤمن يحب الرب ولكنه ظل في حالة القلق وعدم اليقين من ذهابه إلى المجد ما يقرب من ثلاث سنوات، وكان فيها يصلي ويتمنى أن يجد الراحة من جهة أبديته. وأخبرته أن هناك حقيقة في غاية البساطة لم يلتفت إليها طوال هذه السنوات، هي أن: الله قد اكتفى بعمل المسيح .. وقلت له: قف الآن أمام هذه الحقيقة. تفكر فيها، واستوعبها في قلبك "الله قد اكتفى". وإذا بوجهه يتهلل وقال: لم يخطر ببالي من قبل، شيء من ذلك. الله قد اكتفى بالابن وبعمله.
قلت: نعم لقد أُهين الله بخطاياك، وأنت الذي أهنته، والرب يسوع أتى لكي يسدد مطاليب الله القدوس العادلة بالموت من أجل خطايانا. وقد تمم هذا العمل كاملاً وبرهن الله على اكتفائه بشخصه وبعمله بأن أقامه من الأموات. ولو لم يكتفِ الله بهذا العمل لتركه في القبر، لكن الله أقامه ورفّعه وبذلك أعلن وعبّر عن اكتفائه. وبكل تأكيد إذا كان الله قد استوفى حقه واكتفى بعمل ابنه، فعلى كل تائب تمتع بعمل المسيح أن يكتفي هو أيضاً بذلك العمل.