" أنا مجدتك على الأرض، العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته "( يو 17: 4 )
من الأهم جداً أن يتمجد الله في حياتي، من أن أقوم بأعمال معيَّنة في مجال الخدمة. هذا ما عبّرت به مريضة عزيزة ذهبت لزيارتها منذ سنوات.
ففي ذات يوم قال لي أحد الأشخاص الذين اعتادوا صرف جزء كبير من وقتهم في زيارة المرضى: إنني أطلب منك أن تأتي معي لزيارة أحد أعزائي.
ذهبت معه فأتينا إلى مُجمَّع سكني خلف الطريق الرئيسي، وتسلقنا الدَرج إلى حجرة صغيرة. كانت هناك سيدة متقدمة في السن مع ابنتها، وهى امرأة شابة ربما في الثانية والثلاثين. كانت المرأة تجلس على مقعد أطفال كبير، فقد أُصيبت بشلل الأطفال منذ أعوام طويلة. كانت تجلس بجوار النافذة وأمامها مكتب صغير. كانت تكتب خطابات تشجيع لمن هم في تجارب وضيقات في جميع أنحاء العالم.
بدأت أعبِّر عن تأثري، ولكنها نظرت إلىَّ بأحلى ابتسامة قائلة: أعتقد أن الله يتمجد أكثر ببقائي هنا في هذا المقعد مما لو كنت أستطيع الحركة هنا وهناك. إنني قانعة ببقائي هكذا لأمجد الله. ثم بدأت تتحدث عن الخدمة، فأدركت أنها تقوم بأمرين عظيمين:
أولاً: هى تمجد الله برضاها وشكرها على الوضع الذي سمح لها به.
ثم ثانياً: هى تستغل هذا الوضع لخدمة الله بإرسالها خطابات تشجيع لمن هم على فراش المرض. كانت تكتب لهم قائلة: إنني أُدرك تماماً معنى البقاء منفرداً، أفهم ماذا يعنيه عدم القدرة على الحركة، عدم القدرة على تحقيق أجمل رغباتي. غير أنني في الحقيقة أقدِّر جيداً كم هو رائع أن يحضر الرب إلىّ ويملأ حضوره كياني وروحي، لذلك فإني أُسلمه الأمر بجملته بلا تذمر، بل بالشكر والامتنان.
لقد مجدت هذه المرأة الله، ثم أدَّت العمل الذي مكّنها به. وهذا دائماً هو الوضع الصحيح، غير أننا كثيراً ما نعكسه، فنقدم الخدمة على تمجيد الله.