"ينبغي أن تولدوا من فوق"(يو3 :7)
"ينبغي أن تولدوا من فوق ... ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان"(يو 3: 7 ،14)
في الحديث مع نيقوديموس، يستخدم الرب مرتين كلمة "ينبغي" وإنها لكلمة قوية وعميقة في كلتا المرتين.
أولاً: نقرأ قول السيد "لا تتعجب أني قلت لك ينبغي أن تُولدوا من فوق" (يو 3: 7).
وهنا نجد طرح الإنسان جانباً بالكُلية - الإنسان في أفضل حالة .. لم يَقُل الرب "ينبغي أن تُصلح نفسك، أو ينبغي أن تجتهد وتصير أفضل، أو ينبغي أن تغير أسلوب حياتك". ولو كان الأمر كذلك لما تعجب نيقوديموس ولما قال "كيف يمكن أن يكون هذا؟" لأن الفريسي يدرك ويفهم هذه كلها. فتغيير السلوك وتحسين الأخلاق وأي إصلاح أدبي أو تهذيب ذاتي إنما معقول ومقبول لدى فريسي كل عصر. لكن "ينبغي أن تولدوا من فوق" إنما يدركها فقط الإنسان الذي وصل إلى نهاية ذاته ونهاية أعماله، الذي اقتنع أن ليس فيه أي في جسده شيء صالح. الذي يرى خرابه وإفلاسه وعُريه وفقره العميق. إنه ينبغي له أن يحصل على حياة جديدة وأن يستغني بغنى شخص آخر.
ثانياً: والآن قد يقول قائل: وكيف نحصل على هذه الحياة الجديدة؟ الجواب موجود في "ينبغي" الثانية التي نطق بها الرب "ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان". ولماذا ينبغي أن يُرفع؟ لأنه ينبغي أن أحصل على حياة جديدة وهذه الحياة هى في الابن، ولكنها تصير لي فقط عن طريق موته. إن موت الإنسان الثاني هو الأساس الوحيد للحياة بالنسبة لي.
إن نظرة واحدة إلى المسيح المرفوع من أجلي هى الحياة الأبدية لي. والنفس التي تؤمن بابن الله كمن مات وقام "تولد من الماء والروح" وتأخذ حياة أبدية. إنها انتقلت من الموت إلى الحياة، من الخليقة العتيقة إلى الخليقة الجديدة، من الإنسان الأول إلى الإنسان الثاني، من المذنوبية إلى البراءة، ومن الدينونة إلى الرضا، من الظلمة إلى النور، من الشيطان إلى الله.
وبالاختصار الصليب هو الحل الأعظم للمشكلة. فليت الله الروح القدس يكشف لقلب القارئ جمال وقوة وعُمق وإدراك ومجد هاتين الكلمتين "ينبغي الأولى" و"ينبغي الثانية".