"ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقيّ. مسحت بالدهن رأسي. كأسي ريّا "(مز 23: 5)
في هذا العدد ( مز 23: 5 ) يرسم الروح القدس أمامنا ثلاث بركات ثمينة لنا في خدمة المسيح كالراعي، وهى: المائدة المهيأة، ودهن المسحة، ثم الكأس الملآنة والفائضة.
أولاً: المائدة المهيأة "ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقيّ". فالمؤمن الذي تلذذ بكلمة الله في الاجترار عليها في الخلوة وبروح الصلاة، يجد فيها وليمة روحية، مائدة شهية، طعاماً حقيقياً تحتاج إليه حياتنا الروحية يومياً. وعلى كل مؤمن أن يتغذى وأن يشبع وتسمن عظامه بهذه المائدة الروحية. وليس ذلك قاصراً علينا كأفراد فقط، لكن كمؤمنين عندما نجتمع معاً باسم المسيح وتحت رئاسته نجد الرب نفسه يجهز لنا المائدة ويعدّ لنا الطعام، وليس الخادم أو الأخ المزوّد بموهبة روحية هو الذي يرتب المائدة لنا. فالمرنم يقول: أنت يا رب الذي "ترتب قدامي مائدة". صحيح قد تختلف أعواز الواحد عن الآخر ولكن الرب في مائدة واحدة يرتب لكل واحد احتياجاته.
ثانياً: بركة المسحة المقدسة - عطية الروح القدس. "مسحت بالدهن رأسي". وكل مؤمن حقيقي مُسح بالروح القدس ككاهن وكملك. لكن لم يأت بعد وقت المُلك. وصحيح أننا في هذا العالم نعاني مشقات ومقاومات ومضايقات، ولكن يكفي أن الروح القدس ساكن في كل مؤمن. ومع أن الروح القدس ساكن في كل مؤمن إلا أننا نحتاج للامتلاء به، فتكون لنا قوة الروح القدس مجددة باستمرار. والروح القدس يكشف لنا عن كمالات المسيح - صفاته وسجاياه - لكي تنطبع في حياتنا ونتغير إلى تلك الصورة عينها " ونحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف، كما في مرآة، نتغير إلى تلك الصورة عينها، من مجد إلى مجد، كما من الرب الروح"( 2كو 3: 18 ).
ثالثاً: الكأس الفائضة "كأسي ريا". كنتيجة للشبع بالمائدة المرتبة من الرب، وللامتلاء بالروح القدس تأتي حياة القوة والفرح والفيض. "في اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلاً إن عطش أحد فليُقبل إلىّ ويشرب. مَنْ آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي" ( يو 7: 37 ،38) أي لا يرتوي هو فقط بل يكون سبب بركة، فالمؤمن الممتلئ بالروح القدس تجري من بطنه، أي من حياته الباطنية، أنهار ماء حي، أنهار فرح وشهادة للآخرين.