"أنا عارف أعمالك أنك لست بارداً ولا حاراً"(رؤ 3: 15)
في الحرب الأهلية الأمريكية، حدث أن رجلاً من سكان الحدود بين شمال البلاد وجنوبها، حيث كانت تدور رحى الحرب الأهلية بين القسمين، أراد أن يكون مُحايداً فارتدى قميصاً يخص مقاتلي الشمال وسروالاً يخص مقاتلي الجنوب. وظن بذلك أنه سيُرضي الطرفين المتقاتلين، ولم يكن يعلم أنه بذلك وضع نفسه في مأزق خطير حيث أطلق مقاتلو المنطقة الشمالية النار على سرواله، وأطلق الجنوبيون النار على قميصه فكان مصيره الهلاك المحتم.
صديقي .. قد تبتسم وأنت تقرأ هذه القصة الواقعية الطريفة، ولكن ألا ترى معي أن كثيرين يفعلون مثل هذا الرجل؟ فليس جميع الذين ماتوا وذهبوا إلى هاوية العذاب كانوا يجهلون المسيح وصليبه. ولكن الكثير منهم عرفوا عنه وأرادوا أن يمسكوا العصا من منتصفها فهلكوا .. لهذا أوصانا الرب يسوع قائلاً "اذكروا امرأة لوط" (لو 17: 32) تلك المرأة التي هلكت رغم خروجها بالأقدام من سدوم، ولكن قلبها وعينيها لم يتركوا سدوم التي تشير إلى العالم. "ونظرت امرأته من ورائه فصارت عمود ملح" (تك 19: 26 ).
إن اتّباعنا للرب يسوع يحتاج إلى قرار حاسم .. اسمعه يقول للشاب الغني الذي نظر إليه يسوع وأحبه .. وقال له "اذهب بِع كل مالك وأعطِ الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعالَ اتبعني حاملاً الصليب. فاغتم على القول ومضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة" (مر 10: 21 ،22) وهذا يفسّر ما قاله الرب يسوع:" لا يقدر أحد أن يخدم سيدين لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر" (لو 16: 13). أتمنى أن تُدرك معنى أنه لا يوجد حياد في الحياة المسيحية، كما سأل داود الغلام المصري قديماً قائلاً: "لمن أنت" (1صم 30: 13 ). وأدعوك أن تسمع إيليا النبي الناري وهو يخاطب الشعب قائلاً "حتى متى تعرجون بين الفرقتين: إن كان الرب هو الله فاتبعوه، وإن كان البعل فاتبعوه" (1مل 18: 21 ). وربما الآن يسهل علينا أن نفهم الوصية القديمة "لا تزرع حقلك صنفين .. لا تحرث على ثور وحمار معاً، لا تلبس ثوباً مختلطاً صوفاً وكتاناً معاً" (تث 22: 9 -11).
وكم كان الرب في تأثر شديد وهو يخاطب ملاك كنيسة لاودكية قائلاً: "أنا عارف أعمالك أنك لست بارداً ولا حاراً، ليتك كنت بارداً أو حاراً هكذا لأنك فاتر، ولست بارداً ولا حاراً أنا مزمع أن أتقيأك من فمي" (رؤ 3: 15، 16). ليتك تقول مع داود "وحّد قلبي لخوف اسمك" (مز 86: 11 ).