"فقال الملك:ألا يوجد بعد أحد لبيت شاول فأصنع معه إحسان الله؟ " (2صم 9: 3 )
عندما نقرأ (2 صم 9) يسترعى انتباهنا قول داود لمفيبوشث "فأني لأعملن معك معروفاً من أجل يوناثان أبيك" وفى الحال تبرق أمام مخيلتنا صورة إحسان الله الذي أظهره لنا في المسيح يسوع.
وإذا رجعنا إلى (2 صم 4) نجد أنه عند مجيء خبر موت شاول ويوناثان، فإن مربية مفيبوشث حملته وهربت، وإذ كانت مُسرعة لتهرب، وقع وصار أعرج من رجليه كلتيهما، فأُخفى في لودبار التي تعنى مكان قفر ليس فيه مرعى. وحيث أنه كان من بيت شاول عدو داود، لا شك أنه ظن أن داود عدو له، ولذلك اختبأ بعيداً عنه.
أليست هذه صورة دقيقة لحالة الإنسان الخاطئ. فحالاً بعد أن دخلت الخطية بسقوط آدم، اختبأ هو وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة (تك 3: 8 ) . أوَ ليست هذه حالة الإنسان إلى يومنا هذا؟ إذا كان هذا حالك أيها القارئ العزيز، فإن هذا لأنك لا تعرف الله. ربما تقول: لقد أخطأت وهذا يجعلني أخاف من الله. حقاً لقد أخطأت وأنا أيضاً أخطأت مثلك والكل قد أخطأوا، ولكن لو عرفت الثمن الذي دفعه الله لخلاصك حتى بذل ابنه الوحيد الحبيب لأجلك، فإنك سترى أن الله هو الوحيد الذي يمكن أن تلجأ إليه، وأنت خاطئ تلجأ إليه وأنت مطمئن لأن "دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية" (1يو 1 :7) .
هل اتبّعت الأوهام التي يرسلها لك الشيطان؟ أو وضعت ثقتك في وعود هذا العالم الكاذب وأُصبت بالفشل واليأس؟ أنصت إذاً، فإني سأدلك على مَنْ فيه راحة النفس والضمير.
"فأرسل الملك داود وأخذه" إن كلمة "أخذه" جميلة جداً، إنها تُخبرنا عن نعمة مطلقة ظهرت من عند الله وحده. إن الإنسان يُظهر إحساناً لمن يظن أنهم يستحقونه، أو يتوقع أن يحصل على شيء منهم في مقابل هذا الإحسان. ولكن ليس هذا هو ما عمله الله، إن مفيبوشث لم يعمل شيئاً واحداً يستحق الإحسان. إنه لم يكن عليه أن يصنع ما عليه أولاً كما يقول البعض، كلا. إن النعمة ذهبت لتأخذه من لودبار، من نفس المكان الذي كان فيه. وهكذا نرى أن ابن الله قد جاء إلى ذات المكان الذي وصل إليه الخطاة المساكين، جاء لكي ينتشلهم. وأخذ مكانهم ومات البار من أجل الأثمة لكي يقربنا إلى الله.