" لأني عرفت الأفكار التي أنا مفتكر بها عنكم، يقول الرب، أفكار سلام لا شر،" (إر 29: 11 )
سمح الرب للأتقياء في سميرنا بالضيق والألم، والتعرض للبلوى المحرقة، فبعض المؤمنين عُذبوا في سجون وتعرضوا لتجارب متنوعة. ربما يسأل عدم الإيمان قصير النظر: لماذا لم يتدخل الرب لكي يحميهم من هذه التجارب المحرقة؟ والإجابة التي قد يندهش لها البعض
: لأنه أحبهم كثيراً. إن شعب الله - الكنيسة كانوا قد انجذبوا إلى دوامة العالم، ولكي يخلصهم من هذا الخطر، سمح الله بإثارة الاضطهاد عليهم. كان الاضطهاد هو الوسيلة المختارة من الرب لإتمام مقاصد محبته. لكن إن كان يجب أن يتألم قديسوه هكذا، إلا أنه يقترب منهم ويتحدث إليهم بكلمات التشجيع والتعزية.
وهو أكثر من ذلك يعلن شكل التجربة المقبلة. كان الشيطان مزمعاً أن يلقى بعضاً منهم في السجن لكي ينالوا شرف التألم لأجل اسم المسيح إذ قد حُسبوا مستأهلين أن يُهانوا من أجل اسمه، لكن لماذا؟ "لكي يجربوا". وهكذا بمثل هذه الطرق ينقى الرب خاصته من دنس العالم ويمتحن إيمانهم ويكشف ما هو ساكن في قلوبهم. حتى الرب نفسه سارت قدماه في طريق التجربة. لقد جُرّب في كل شيء مثلنا بلا خطية. وبهذا استطاع أن يقول "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء" (يو 14: 30 ) . لكن نحن للأسف نظير بطرس لا نعرف حقيقة أنفسنا إلا عندما نسلم ليد العدو. ولهذا السبب نحتاج إلى أن نجرّب لكي نتعلم مَنْ نحن وأيضاً مَنْ هو الله بالنسبة لنا في وسط التجربة.
لكن كان هناك شيء آخر أُعلن لأجل تعزيتهم، فإذا كان الشيطان على وشك أن يطلق عليهم، إلا أن التجربة لها حدود لا تتجاوزها. فالضيق سيستمر عشرة أيام فقط.
وأخيراً يَعِد الرب بإكليل الحياة للذين سيكونون أمناء إلى الموت. ومن الضروري أن نلاحظ أن الأمانة هنا لا يُقصد بها الأمانة خلال حياتنا الطبيعية، لكنها تعنى الاستشهاد لأجل خاطر المسيح وكلمته. إنه يحرضهم لكي يكونوا أمناء حتى لو كلفهم الأمر حياتهم كما حدث مع استفانوس ومع يعقوب أخي يوحنا، وكما حدث أيضاً بنعمة الله مع الآلاف غيرهم منذ ذلك اليوم فصاعداً.