" قالت أمه للخدام:«مهما قال لكم فافعلوه»." ( يوحنا 2: 5 )
إن ذاك الذي بكى عند قبر لعازر، وتأثر لرؤية ابن أرملة نايين، هو نفسه الذي يشترك في فرح الفَرِحين في عرس قانا الجليل. إن كل ما كان يفعله الرب يسوع كان يفعله من القلب، ولا شك هنا أن أحاديثه في العُرس كانت مملوءة بالبركة.
«ولمَّا فرَغت الخمر، قالت أُم يسوع له: ليس لهم خمرٌ». قالت الأُم هذه الكلمات بقلق يُشبِه قلق ربة البيت. إن الرب عندما يكشف عن مجده، فهو لا يحتاج إلى اقتراح بشري، ولا حتى من أقرب الناس إليه. وكل شيء يبدو واضحًا بإجابته: «لم تأتِ ساعتي بعدُ». ونتكلَّم - إنسانيًا – فنقول: إن المُطوَّبة مريم لم تقترف خطأ إذ عبَّرت عن قلقها للرب. وما فعله الرب لم يكن بناء على رأيها، وإنما لكي يُظهِر مجده. فهو يعمل في وقتهِ هو؛ الوقت المناسب، لا مبكرًا ولا متأخرًا.
هكذا كان الرب دائمًا في حياته على الأرض، والأناجيل مملوءة بالإشارات إلى ساعة عمله؛ فقبل أن تَدُّق الساعة يكون هادئًا ومستقرًا مهما يبدو الظرف من الخارج مُلِّحًا ومستعجلاً، ولكن عندما تدُّق الساعة يعمل بسرعة وبطريقة حاسمة. إن هذا في الواقع لأصعب الدروس في الحياة المسيحية. فكثيرًا ما نصغي في قلق إلى نصيحة الصديق، أو إلى تهديد العدو، أو إلى ضغط الظروف، ونفكِّر أننا يجب أن نعمل شيئًا. والبعض للأسف يَقحم نفسه - كالملك شاول - ويقدِّم الذبيحة، ونصلي بعجَلَة، ونُلقي بأنفسنا في المشكلة، لنكتشف أخيرًا أننا ركضنا بدون أن نُرْسَل، وإننا فشلنا في غرضنا ولم نحقق شيئاً يُذكَر بتسرُّعنا الأهوَج. ألا ليت كلاً منَّا يُردِّد بينه وبين نفسه: " إنما لله انتظري يا نفسي، لأن من قبله رجائي.؟ "( مز 62: 5 )، فلا نتأخر عنه ولا نسبقه، وإنما نكون منتظرين لساعته عندما تدُّق.
ولم تبتئس المُطوَّبة مريم من إجابة الرب، فهي تعلَم أن قوله هو الحق. وفي ثقة لا تتزعزع تقول للخدام: «مهما قالَ لكم فافعلوه». هذه الكلمات الثمينة التي نحن في حاجة إلى أن نَعيها، فنطيع بدون مناقشة كلمة الرب المبارك في كل الأحوال، بدلاً من أن نتبع مشاعرنا وآراءنا! ولقد فعل الخدام في عُرس قانا الجليل ما أمَرَهم به يسوع، وكانوا آلات في هذه المعجزة، وعرفوا الأمر الذي كان يُعتَبر لغزًا عند رئيس المُتكأ.