" و َإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ، إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي"(متى 8: 2)
«يا سيد، إن أردت تقدر أن تُطهرني» .. هذه كانت صرخة أبرص جعله مرضه يشعر بخراب حالته، وبأنه بدون قوة الله المباشرة لا يمكن أن يُشفى من نجاسته. إن البرَص يرمز في كلمة الله إلى دَنَس الجسد بالخطية، أي خراب القلب البشري خرابًا كاملاً.
إن حالة الإنسان السيئة هذه هي التي أحضرت الرب يسوع المسيح من السماء، وقادَته إلى عار وآلام الصليب. أَوَ ليس غريبًا أن يشك الكثيرون في محبة المسيح بعد أن عمل هذا العمل الجليل! كم من الناس لغتهم مثل لغة هذا الأبرص «يا سيد، إن أردت تقدر»!
إن كلماته هذه برهَنت على شعوره بقدرة الرب، ولكنها أيضًا أعلَنت شكَّهُ في رغبة الرب للخلاص. ومع ذلك فإن نفس كلمة «إِنْ» التي نطق بها مُعلِنةً شكَّهُ في عطف المسيح، أعطت السَيِّد فرصة، إن جاز التعبير، لأن يُحقق له عطفه ورحمته، ولذلك أجاب على الفور: «أُريد، فاطهُر! وللوقت طَهُرَ برَصُهُ». والآن أ ليس كثيرًا ما يشك القلب ويسأل قائلاً: “هل الله يعطف عليَّ؟” إن قدرة الله على الخلاص لا يُشَك فيها، ولكن ما يُشَك فيه، بكل أسف، هو رغبته في أن يُخلِّص.
ولكن أيهما أكثر إساءة؛ هل الارتياب في قدرة شخص، أم الارتياب في محبته؟ لنفرض أن فقيرًا طلب شيئًا من غني، وافتتح طلبه بهذه العبارة: “إني لا أشك في قدرتك على أن تساعدني، ولكني أشك كثيرًا في عطفك وشفقتك”. فهل يمكن أن طلبًا يُفتتح بعبارة كهذه يجد الإجابة المَرْضية؟ ومع أن صراخ الأبرص للمسيح كان مع الأسف على هذه الصورة، إلا أن قلب السَيِّد الممتلئ بالنعمة والمحبة قد تحنَّن على هذا البائس وأجاب سؤاله. فلا تشك يا عزيزي في محبة الله ورغبته الحارة في الخلاص. لا تلقِ ظلاً على ضياء محبته العجيبة.
إن برهان رغبته الحقيقية في خلاصك، إرسال ابنه ليموت. هذا هو الإعلان الكامل عن رغبة الله في أن يُخلِّص. عندما تتأمل في المسيح مرفوعًا على الصليب، ترى البرهان الأكيد الذي قدَّمه الله على محبته العجيبة للخاطئ الهالك. وفي موت المسيح إعلان عظيم للنعمة مُقدَّم لكل مَن يريد أن يستفيد منه. يُمكنك أن تقبل هذه النعمة حالاً وبلا تأجيل، ويكون ذلك لبركة نفسك في الحاضر والمستقبل.