"أُبَارِكُ الرَّبَّ الَّذِي نَصَحَنِي، وَأَيْضًا بِاللَّيْلِ تُنْذِرُنِي كُلْيَتَايَ" ( مز 16: 7 )
أستطيع أنا أيضاً أن أردد كلمات داود لأنني أعي جيداً معنى الدخول إلى محضر الله لأطلب مشورته، وإنني لأقدِّر مشورته أكثر جداً من كل حكمة بشرية مهما سَمَت. لقد اختبرت كثيراً مشورة الله وعلمت يقيناً أنني أستطيع أن أعتمد عليها كُلية.
في وقت لاحق لداود وصف إشعياء النبي الرب بأنه "لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا، إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ" ( إش 9: 6 ). وكلمة عجيب تحمل معنى ما هو أسمى وأعلى من البشر، أو ما هو فوق الطبيعة. إن مشورة الرب لهي أعلى في مستواها من حكمة البشر، وعلم البشر، وفهم البشر. كم أن مدين للرب أن يكون هو مُشيري.
كما أنني أستطيع أن أردد أيضاً ما جاء في العدد التالي "أيضاً بالليل تنذرني كليتاي" ـ أي ينذرني قلبي، أو ضميري، أو ما في باطني. فكثيراً، عندما تواجهني مشكلة لا أجد لها حلاً، أضعها ببساطة شديدة أمام الرب وأسلمها له بالتمام، ثم أذهب لأنام دون أية محاولة مني لحلها. فإذا بالرب، في سكون الليل، يوقظني ليهمس في داخلي بصوته الهادئ الخفيف مُجيباً على كل تساؤلاتي، وواضعاً أمامي الحل الذي اختاره هو، بتأكيد شديد في داخلي.
كم هو رائع أن تعرف أنه من حقك الدخول إلى فكر الله ومشيئته! عندما تصل إلى نهاية قدراتك، عندما تصل إلى طريق مسدود، عندما لا تستطيع أن تتقدم خطوة واحدة، ولا حتى تعرف كيف تعود من حيث أتيت، عندما لا تجد إجابة واحدة معقولة لتساؤلاتك، تذكَّر قارئي العزيز أن الرب هو "المُشير العجيب" اذهب إليه، أودعه مشكلتك، افتح له قلبك لأنه يتكلم إلى القلب لا إلى العقل، وبمشورته العجيبة سيُجيب على كل تساؤلاتك، وبنعمته الغنية سيُشير إلى الطريق قائلاً: هذه هي الطريق اسلك فيها!
ما أعظم ما لنا في سيدنا المبارك المذخر لنا فيه كل كنوز الحكمة والعلم.