"حِينَئِذٍ رَنَّمَ مُوسَى وَبَنُو إِسْرَائِيلَ هذِهِ التَّسْبِيحَةَ لِلرَّبِّ " ( خر 15: 1 )
هذه الترنيمة هي أول ترنيمة في الوحي المقدس. وترنم الشعب بها بعد أن عبروا البحر الأحمر وتم فداؤهم ونجاتهم (أولاً) من دينونة خطاياهم بواسطة دم خروف الفصح المرشوش على القائمتين والعتبة العُليا، (وثانياً) من عبودية فرعون القاسية في أرض مصر، وتم ذلك بالقوة بإغراقه هو وجنوده ومركباته في البحر.
وكما نعلم أن سفر الخروج هو سفر الفداء، والآية المفتاح لكل السفر "وَيَكُونُ لَكُمُ الدَّمُ عَلاَمَةً عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا، فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ"(خر 12: 13).
وما أروع رسم الروح القدس، إذ كيف يترنم القلب واللسان، وحكم الموت الأبدي يهدد النفس في كل لحظة. لكن إذ يتيقن الإنسان أن الفداء الإلهي في موت ربنا يسوع المسيح على الصليب قد سدد كل مطاليب العدل الإلهي، حينئذ تتمتع النفس بهذا التقرير الإلهي المجيد "إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ"(رو 8: 1 ). وتتم تلك الأغنية المسجلة في سفر أيوب "إن وجد عنده مُرسل وسيط واحد من ألف ... يتراءف عليه ويقول أطلقه عن الهبوط إلى الحفرة قد وجدت فدية ... يغني (يرنم) بين الناس فيقول قد أخطأت وعوّجت المستقيم ولم أُجاز عليه. فدى نفسي من العبور إلى الحفرة فترى حياتي النور" (أي 33: 23 -28).
وما أروع الترنيمة التي سنترنم بها في بيت الآب السماوي "مُسْتَحِقٌ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ" ( رؤ 5: 9 ).
وبالفداء تنفتح البصيرة لندرك لمحات من كمالات الله:
أولاً : العظمة بلا استقصاء (ع7) "بكثرة عظمتك".
ثانيـاً: القدرة الفائقة التي لا تُغلب، بل تسحق كل الأعداء (ع6). "يمينك يا رب معتزة بالقدرة، يمينك يا رب تحطم العدو".
ثالثاً : سلطانه المطلق على كل الكون (ع8) "بريح أنفك تراكمت المياه، انتصبت المجاري كرابية. تجمدت اللجج في قلب البحر"
رابعاً : القداسة المطلقة "مَنْ مثلك معتزاً في القداسة" (ع11).
خامساً: له التسبيح "مخوفاً بالتسابيح" (ع11).
سادساً: حنانه "ترشد برأفتك الشعب الذي فديته" (ع13).
سابعاً : هو "الملك إلى الدهر والأبد" (ع18).