هأنذا ...جميل أن يدعو الله الإنسان لخدمته، و جميل أيضاً أن يلبي الإنسان الدعوة قائلاً "هأنذا" و التاريخ المقدس حافل بعينات من الخدمة تركت آثارها خالدة و مجيدة في سجل البشرية. و من الواضح أن الله لا يصل إلى الإنسان إلا عن طريق الإنسان. لذلك فهو يفتش عن الأواني التي يغمرها بفيض من إعلاناته المجيدة و قوته ليعلن بها مقاصده السامية، و مازال الرب إلى هذا اليوم يتلهف إلى أن يسمع من أي مؤمن كلمة "هأنذا" في تسليم كامل و ثقة أكيدة، عندئذ تنحدر بركات السماء بغنى و وفرة لتأدية الرسالة حسب قصد الله.
لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لو19: 10). في هذه العبارة الموجزة يبين لنا الكتاب المقدس بوضوح تام الهدف من مجيء الرب يسوع المسيح إلى العالم. لقد أتى لكي يتمم العمل الذي أرسله الآب ليعمله، و الآب لم يرسل ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص العالم «لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ. » (يو 3: 17).
«لِنَتَقَدَّمْ بِقَلْبٍ صَادِقٍ فِي يَقِينِ الإِيمَانِ» (عب10: 22). قد نظن أنه من السهل أن نشرح معنى الإيمان، و هو فعلاً كذلك، لكن أسهل منه أن نبلبل أفكار الناس عن طريق شرحنا له. لا يوجد في كل العالم ما هو أسهل من الإيمان بالرب يسوع المسيح ، و مع ذلك قد لا يوجد ما هو أصعب من أن نشرح لإنسان كيف يؤمن بالمسيح، ليس لأن الإيمان نفسه صعب بل لأن شرحه ليس بالأمر السهل.
حقيقة هامة: لو حدث أن شخصاً ما أهدى صديقاً له خاتماً ثميناُ جداً، موضوعاً داخل صندوق عادي لا وجه على الإطلاق للمقارنة بين قيمته وبين قيمة الخاتم، أفلا يندهش ذلك الشخص عندما يأتيه صديقه بروح الشكر والإمتنان قائلاً: "أنني أشكرك من كل قلبي لأنك أهديتني ذلك الصندوق المخملي الجميل، و إني أعدك أن اعتنى به عناية فائقة و أن أحرص عليه كل الحرص، فهو بلا شك هدية غالية" ؟!.
في أية درجة أنت مسافر؟ ما أكثر تكرار هذا السؤال على ألسنة الناس و ها أنا أقدمه لك أيها القارئ العزيز.. لأنك بدون أدنى ريب – بل بكل يقين – أنت مسافر من هذه الحياة إلى الأبدية، ومن ذا الذي يدري مقدار قربك من النهاية!!!!! لذلك أسألك بكل محبة "في أية درجة أنت مسافر؟". لا يوجد إلا ثلاث درجات و ها أنا أصفها لك لكي يمكنك أن تمتحن نفسك في حضرة ذاك الذي معه أمرك:
أتعلم أنك خاطئ؟ أتذكر أنه مر يوم من كل أيام حياتك لم تخطئ فيه قولاً و فعلاً و فكراً؟ فأنت إذا خاطئ، وهذه هى أولى الحقائق التى لا تقوى على دفعها. لا ريب في أن كل إنسان خاطئ، لكن كلامى الآن معك وحدك، فاحصر أنت النظر في ذاتك و لا تحول النظر عن هذه الحقيقة فإن لها أهمية كبرى.
حقيقــة الإيمــان: لا توجد حقيقة أكثر أهمية ـ بالنسبة للإنسان الخاطىء ـ من تلك الحقيقة التى تتضمنها الإجابة على هذا السؤال: «ماذا ينبغى أن أفعل لكى أخلُص؟»، وهذه الحقيقة هى: «آمن بالرب يسوع المسيح فتخلُص»، وذلك لأن الإيمان بالرب يسوع المسيح هو أول خطوة يجب أن يخطوها الإنسان في طريق الحصول على سلام الله الذى يفوق كل عقل والتمتع بالفرح الذى لا يُنطق به.
أولاً: في العهد القديم: "لانَّ الدَّمَ يُكَفِّرُعَنِ النَّفْسِ." (لا 17: 11). إن المؤمن ينبغي أن يعطى جواباً عن سبب الرجاء الذي فيه. و لا يمكن لأي إنسان أن يكون له رجاء وراء القبر بعيداً عن دم المسيح. اتهمني البعض بأني أُبسط طريق الخلاص أكثر من الواقع، حين أعظ عن الخلاص بواسطة الإيمان البسيط في الدم الكفاري. لكن ما أنادي به هو تعليم الكتاب المقدس و ليس تعليمي الشخصي.
دقت ساعة الكنيسة الكبيرة في مدينة (الجميل) معلنة الثامنة صباحا، فبدأت الشوارع تزدحم بالناس. كانت هذه الساعة قد مضى عليها زمان طويل وهى في برج تلك الكنيسة، تعلن الزمن للناس كل يوم بصوت واضح وتؤدة .. واحد ـ اثنان ـ ثلاثة ـ أربعة ـ خمسة ـ ستة ـ سبعة ـ ثمانية ... ولقد سمعها الأطفال، فبدأوا يتركون ألعابهم في الشوارع ويركضون إلى بيوتهم ليتناولوا طعام الإفطار... وسمعتها كذلك الأمهات والزوجات ، فوضعن الإفطار على الموائد وبدأن في صب الشاي وترتيب الخبز ..